صلىاللهعليهوسلم بأنواع الصدقات ، فقدّم منها بين يدي نجواك ما أعطاه حالك بلغ ما بلغ ، وحينئذ تشرع في قراءة الحديث النبوي ـ فائدة ـ اعلم أن المصلي مناج ربه ، فإذا كان الحق أمر بالصدقة بين يدي مناجاة الرسول ، فما ظنك بمناجاة الحق تعالى؟ فهي آكد وأوجب ، وهي النافلة قبل الفريضة ، فإنها صدقة من الشخص على نفسه ، وهي كالرياضة للنفس ، وكالعزلة بين يدي الخلوة للحضور التام بما ينبغي للسيد المعبود من الآداب والجلال والتنزيه ، فإن دخول العبد للفرض من النفل ما يكون مثل دخوله من الفعل المباح ، لأنه لابد أن يبقى للداخل في خاطره مما تقدم له قبل دخوله أثر ـ إشارة لأهل المقامات ـ أفضل الصدقات تصدق الإنسان بنفسه وأفضل ما يخرجها عليه من يخرجها على نفسه ، فإذا أراد العبد نجوى ربه فليقدم بين يدي نجواه نفسه لنفسه ، فإن النجوى سامع ومتكلم ، والعبد إن لم يكن الحق سمعه فمن المحال أن يطيق فهم كلام الله ، وإن لم يكن الحق لسان عبده عند النجوى فمن المحال أن تكون نجواه صادقة الصدق الذي ينبغي أن يخاطب به الحق ، فإذا الحق ناجى نفسه بنفسه كان العبد محل الاستفادة.
(أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (١٦) لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ