وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (٥) سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (٦)
الذين لا يصدقون إما عنادا وجحدا ، وإما جهالة ، هم الذين جعل الله جزاءهم عدم المغفرة.
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (٨)
اعلم أن منزلة الناس هي الذلة والافتقار ، وذلك قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) وكل ما ورد في القرآن من وصف الإنسان بما ليس له بحقيقة ، فإنما هو في مقابلة أمر قد ادعاه من ليس من أهله ، فقوبل به من جنسه ليكون أنكى في حقه ، قال في ذلك عبد الله بن أبي ابن سلول (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) فنخرج منها محمدا وأصحابه ، فجاء ولده فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واستأذنه في قتل أبيه لما سمع الله يقول (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ) وكان من المنافقين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [ما أريد أن يتحدث بأن محمدا يقتل أصحابه] فأضاف الله العزة لرسوله وللمؤمنين في مقابلة دعوى المنافقين إياها ، فنزلت الآية وقال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) فالعزة لله بالأصالة ، ولرسوله وللمؤمنين خلعة إلهية لا بالأصالة ، وأوقع الاشتراك في العزة وما قال : للناس ؛ بل ذكر الله تعالى العزة لهؤلاء الموصوفين بالرسالة المضافة إليه تعالى والإيمان ، فهؤلاء المذكورون لهم الإعزاز الإلهي ، فلا تخلعن ثوبا ألبسكه الله ، في دعائك عباد الله طمعا فيما بأيديهم من عرض الدنيا ولا فيما