(٦٥) سورة الطّلاق مدنيّة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) (١)
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أي لاستقبال عدتهن ، والطلاق المشروع لا يكون إلا في طهر لم تجامع فيه ، فإذا طلق فيه كانت الأطهار غير كاملة ، ولابد أن تكون الثلاثة قروء كاملة (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) حدود الله أحكامه في أفعال المكلفين ، وأحكام الله التي هي حدوده : وجوب وحظر وكراهة وندب وإباحة ، فكل متصرف بحركة وسكون فلابد أن يكون تصرفه في واجب أو محظور أو مندوب أو مكروه أو مباح ، لا يخلو من هذا ، فإن كان تصرفه في واجب عليه فعله بترك فقد تعدى حدود الله بتركه ما وجب عليه فعله ، فإن تركه على أنه ليس بواجب عليه فقد تعدى في ذلك تعدي كفر ، ولابد أن يحكم فيه بغير حكم الله ، وينتقل فيه إلى حكم آخر من حكم الله ، لكن في غير هذا العين ، فأباح ترك ما أوجب الله عليه فعله ، وترك ما حرم الله عليه تركه ، وإن قال بوجوب الترك فيما قال الشرع فيه بوجوب الفعل ، فهذا تعد عظيم فاحش واتباع هوى مضل عن سبيل الله ، فالتعدي بالفعل والترك معصية ، والتعدي بالاعتقاد كفر ، ومن قلب أحكام الله. فقد كفر وخسر. وثمّ تعد آخر لحدود الله وهو قلب الحقائق ، ويسمى المتعدي جاهلا وتعديه جهلا ، وهي الحدود الذاتية للأشياء ، فمن تعدى هذه الحدود فقد ظلم نفسه بظلم يسمى جهلا (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) لأن لنفسه حدا تقف