إذا جاء بالإجمال نون فإنه |
|
يفصله العلّام بالقلم الأعلى |
فيلقيه في اللوح الحفيظ مفصلا |
|
حروفا وأشكالا وآياته تتلى |
وما فصل الإجمال منه بعلمه |
|
وما كان إلا كاتبا حين ما يتلى |
عليه الذي ألقاه فيه مسطر |
|
لتبلى به أكوانه وهو لا يبلى |
هو العقل حقا حين يعقل ذاته |
|
له الكشف والتحقيق بالمشهد الأجلى |
فالقلم واللوح أول عالم التدوين والتسطير ، وحقيقتهما ساريتان في جميع الموجودات علوا وسفلا ، ومعنى وحسا ، وبهما حفظ الله العلم على العالم ، ولهذا ورد في الخبر عنه صلىاللهعليهوسلم [قيدوا العلم بالكتابة] ومن هنا كتب الله التوراة بيده ، ومن هذه الحضرة اتخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتّاب الوحي.
(مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ) (٣)
فإنه الإنسان الكامل ، فإنه أكمل من عين مجموع العالم ، إذ كان نسخة من العالم حرفا بحرف ويزيد ، فإذا قال : الله ؛ نطق بنطقه جميع العالم من كل ما سوى الله ، ونطقت بنطقه أسماء الله كلها ، المخزونة في علم غيبه ، والمستأثرة التي يخص الله تعالى بمعرفتها بعض عباده ، والمعلومة بأعيانها في جميع عباده ، فقامت تسبيحته مقام تسبيح ما ذكرته ، فأجره غير ممنون.
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤)
أثنى الله على نبيه صلىاللهعليهوسلم فقال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ولما سئلت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالت : كان خلقه القرآن ؛ تريد هذه الآية ، يحمد ما حمد الله ويذم ما ذم الله بلسان حق ، وإنما قالت ذلك لأنه أفرد الخلق ، ولابد أن يكون ذلك الخلق المفرد جامعا لمكارم الأخلاق كلها ، ووصف الله ذلك الخلق بالعظمة كما وصف القرآن في قوله (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) فكان القرآن خلقه ، فمن أراد أن يرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ممّن لم يدركه من أمته فلينظر إلى القرآن ، فإذا نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه وبين النظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكأن القرآن انتشأ صورة حسية يقال لها محمد بن عبد الله بن