(إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) (٢٠)
ومن ذلك نعلم أن العجز والجبن والبخل في الخلق ذاتي لازم في جبلته وأصل خلقه ، فإذا تكرم وتشجع فنصرته من المكانة والاكتساب والتخلق بأخلاق الله ، حيث كان في ذاته روحا منه ، قال تعالى :
(وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) (٢١)
فقد جمع في هذه الآيات كل رذيلة في النفس ، وأبان فيها أن الفضائل مكتسبة لها ، ليست في جبلتها ، فالتحفظ واجب.
(إِلَّا الْمُصَلِّينَ) (٢٢)
وهم المتأخرون عن هذه الصفة التي جبلوا عليها ، فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة ، فهذا معنى قوله (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) في الاعتبار ، وقد يكون تفسيرا للآية ، فإنه سائغ ، ولكن حمله على الإشارة أعصم ، واعلم أن مسمى الشر على الحقيقة ، ومسمى الخير إنما هو راجع إما لوضع إلهي جاءت به ألسن الشرائع ، وإما لملائمة المزاج ، فيكون خيرا في حقه ، أو منافرة مزاج فيكون شرا في حقه ، وإما لكمال مقرر اقتضاه الدليل فيكون خيرا ، أو نقص عن تلك الدرجة فيكون شرا ، وإما لحصول غرض فيكون خيرا في نظره ، أو عدم حصوله فيكون شرا في نظره ، وما فعل الله سبحانه إلا ما قد حصل في الوجود ، من كمال ونقص وملايمة ومنافرة ، وشرائع موضوعة بتحسين وتقبيح ، وأغراض موجودة في نفوس ، تنال وقتا ولا تنال وقتا.
(ألَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) (٢٣)
المراد أنهم كلما جاء وقتها فعلوها ، وإن كان بين الصلاتين أمور ، فلهذا حصل الدوام في فعل خاص مربوط بأوقات معينة ـ تفسير من باب الإشارة ـ من رأى روح الصلاة