(٧١) سورة نوح مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (١)
نوح عليهالسلام هو أول الرسل قال تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) فنوح أول رسول أرسل ، ومن كان قبله إنما كانوا أنبياء ، كل واحد على شريعة من ربه ، فمن شاء دخل في شرعه معه ، ومن شاء لم يدخل ، فمن دخل ثم رجع كان كافرا ، ومن لم يدخل فليس بكافر ، ومن أدخل نفسه في الفضول وكذب الأنبياء كان كافرا ، ومن لم يفعل وبقي على البراءة لم يكن كافرا ، فأول شخص استفتحت به الرسالة نوح عليهالسلام.
(قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (٤) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا) (٦)
مما دعاهم إليه من توحيد الله ، وهذه الآية تبين خطأ من قال : إن الكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب ، وإذا خرج من اللسان لم يتعد الآذان ؛ فهذا غاية الغلط ، فإنه ما من رسول دعا قومه إلا بلسان صدق ، من قلب معصوم ولسان محفوظ ، كثير الشفقة على رعيته ، راغب في استجابتهم لما دعاهم إليه ، وقال تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) فلو أثر كلام أحد في أحد لصدقه في كلامه لأسلم كل من شافهه النبي عليهالسلام بالخطاب ، بل كذّب وردّ الكلام في وجهه وقوتل ، فإن لم يكن عناية بالسامع ـ بأن يجعل في قلبه صفة القبول حتى يلقى بها النور الإلهي من سراج النبوة ـ ما استنار القلب ولا آمن.