(وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (١٢) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) (١٤)
الأطوار جمع طور وهو كل من مال لاستدارة كون ، ومنه سمي الطور طورا لانحنائه ، وجبل الخلق على الحركة ، فانتقل في الأطوار ، وحكمت عليه بمرورها الأعصار ، فإن لله في خلقه أسرارا ، فلما خلق الله عزوجل الخلق خلق الإنسان أطوارا ، فمنا العالم والجاهل ، ومنا المنصف والمعاند ، ومنا القاهر ومنا المقهور ، ومنا الحاكم ومنا المحكوم ، ومنا المتحكم ومنا المتحكم فيه ، ومنا الرئيس والمرؤوس ، ومنا الأمير والمأمور ، ومنا الملك والسوقة ، ومنا الحاسد والمحسود ، وكل هذا من تصاريف الأقدار ، وما أودع الله في حركات الأكوار ، مما يجيء به الليل والنهار ، من تنوع الأطوار ، بين محو وإثبات ، لظهور آيات بعد آيات ، فسبحان من خلقنا أطوارا ، وجعل لنا على علم الغيب والشهادة دليلا ليلا ونهارا ، فمحا آية الليل لدلالتها على الغيب ، وجعل آية النهار مبصرة لدلالتها على عالم الشهادة فقال تعالى :
(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) (١٦)
(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) فهو مجلى لنور الشمس ، (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) والسراج نور ممدود بالدهن الذي يعطيه بقاء الإضاءة عليه ، ولهذا جعل الشمس يضيء به العالم ، وتبصر به الأشياء التي كان يسترها الظلام ، فحدث الليل والنهار بحدوث كوكب