الشياطين وهم كفار الجن لهم عروج إلى السماء الدنيا يسترقون السمع ، أي ما تقوله الملائكة في السماء وتتحدث به مما أوحى الله به فيها ، فإذا سلك الشيطان أرسل الله عليه شهابا رصدا ثاقبا ، ولهذا يعطي ذلك الضوء العظيم الذي تراه ويبقى ذلك الضوء في أثره طريقا ، فجعل الله ما نجم من ذوات الأذناب في ركن النار ، لرجم الأشرار ، ولم تزل نجوما ، وما كانت رجوما حتى جاء صاحب البعث العام ، إلى جميع الأنام ، من الإنس والجآن ، ولهذا قال : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ، فلو ابتغى الربح باستراقه رشدا ، ما وجد له شهابا رصدا ، فحيل بينه وبين السمع ، لما نواه من عدم النفع ، فصاروا جهلا ، وقد كانوا علما. وكان من أعظم بلاء طرأ على الجن والشياطين منعهم على الغيب ، ولكن مع هذا كله يسلكون بحكم البحث ، فإن صادفهم شهاب أحرقهم (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) وهي الكواكب ذوات الأذناب ، وهي احتراقات وتكوينات سريعة الاستحالة كما تراها في العين ، وهي نجوم سريعة التكوين والفساد.
(وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا) (١٤)
إذا حكم الحاكم بغير ما هي الأمور عليه كان حكم جور ، وكان قاسطا ، فقال تعالى :
(وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥) وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) (١٦)