(٧٤) سورة المدّثر مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) (٣)
ـ إشارة ـ في معنى قولك «الله أكبر».
أكبره في كل فعل على الذي |
|
تجلى من الأسماء لناظري |
فإن الذي يبدو إليّ هو الذي |
|
أراه بذاك الفعل ربي وآمري |
اعلم أن للجمع حضرتين ، فإن الوجود كله مبني على اثنين ، فالله وأعني به الاسم حضرة جامعة لجميع الأسماء الحسنى ، والذات التي لها الألوهية حضرة جامعة لجميع الصفات القدسية الذاتية ، والصفات الفاعلة في العالم الأبعد والأدنى ، والأرفع والأسفل ، فإذا كنت في حالة من الحالات ، من أحوال الأرض أو من أحوال السماء ، فلا شك أنك تحت اسم من الأسماء ، سواء عرفت ذلك أو لم تعرف ، أوقفت في مشاهدته أو لم تقف ، فإن ذلك الاسم الذي يحركك ويسكنك ، أو يكونك أو يمكنك ، يقول لك : أنا إلهك ؛ ويصدق في قوله ، فيجب عليك أن تقول : الله أكبر ، وأنت يا اسم سبب فعله ؛ تلك الرفعة السببية ، ولله الرفعة الإلهية ، ويصح فعل هذا على طريق المفاضلة ، فإنها في حضرة المماثلة ، قال الله تعالى (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) كذلك له الصفات العليا ، فإن الله هو الرحمن الرحيم ، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ، العزيز الجبار المتكبر ، الخالق البارىء المصور ، الأول الآخر ، الظاهر الباطن ، الشاكر العليم ، القادر الرؤوف الرحيم الرزاق إلى ما يعلم منها ، وما لا يعلم ، وما يفهم من صفاته وما لا يفهم ، وعلى هذا يصح الله أكبر ، وبه تثبت المعارف الإلهية وتتقرر ، وهذا أمر مجمل ، تفصله أعمالك ، وسر مبهم توضحه أحوالك ، واعلم أن الذات لا تتجلى إليك أبدا من حيث هي ، وإنما تتجلى إليك من حيث صفة ما معتلية ، وكذلك اسم الله لا يعرف أبدا معناه ، ولا يسكن وقتا ما في مغناه ، وبهذا السر تميز الإله من المألوه ، والرب من المربوب ، ولو