(فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (٢٤)
السحر هو الذي يظهر فيه وجه إلى الحق وهو في نفس الأمر ليس حقا ، مشتق من السحر الزماني ، وهو اختلاط الضوء والظلمة ، فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح ، وهو ليس بنهار لعدم طلوع الشمس للأبصار ، فكان هذا الذي يسمى سحرا ما هو باطل محقق فيكون عدما ، فإن العين أدركت أمرا لا تشك فيه ، وما هو حق محض فيكون له وجود في عينه ، فإنه ليس في نفسه كما تشهده العين ويظنه الرائي.
(إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) (٣٠)
وهم ملائكة العذاب ، فإذا لم يبق في النار إلا أهلها القاطنون بها ، الذين لا خروج لهم منها ، وأرادت ملائكة العذاب التسعة عشر عذاب أهل النار ، تجسد من الرحمة المركبة تسعة عشر ملكا ، فحالوا بين ملائكة العذاب. وأهل النار ، ووقفوا دونهم ، وعضدتهم الرحمة التي وسعت كل شيء ، فتجد ملائكة العذاب في نفوسهم رحمة بأهل النار ، فيشفعون لهم عند الله ، ويكونون لهم بعد ما كانوا عليهم ، فإذا شفعت التسعة عشر ملكا في أهل جهنم ـ للرحمة التي سبقت ـ قبل الله شفاعتهم وارتفعت الآلام ، فراحتهم ارتفاع الآلام لا وجود النعيم ، وهذا القدر هو نعيم أهل جهنم.
(وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ