(إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (١٩)
فما ذكر سوى نفسه ، وما أضافه إلا إليه ، ولم يجر لغير الله في هذا التعريف ذكر ، وبهذا جاء لفظ النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله [إن الله أدبني فأحسن أدبي] ولم يذكر إلا الله ، ما تعرض لواسطة ، ولا لملك ، وهذه الآية تؤيد أن القرآن أنزل عليه صلىاللهعليهوسلم بهذه الألفاظ المخصوصة قال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا).
(كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ) (٢٢)
وصف تعالى حال أهل السعادة بذلك وبقوله :
(إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (٢٣)
إثباتا لرؤيته في الدار الآخرة بظاهر قوله ، على أن تكون إلى حرف أداة غاية ، فإن الرؤية غاية البصر ، واللذة البصرية لا تشبهها لذة ، فإنها عين اليقين في المعبود ، فلا نشك أنا نرى ربنا بالأبصار عيانا على ما يليق بجلاله ، وهو مرئي لنا ، ولا نقول إنه محسوس لما يطلبه الحس من الحصر والتقييد ، فهي رؤية غير مكيفة ، فنراه منزها كما علمناه منزها ، لا نقول بالكيف والحصر والتقييد ، ومن وجه آخر (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) إلى نعم ربها مع تقدير محذوف ، فتكون إلى اسم جمع النعمة ، فإن ذلك في اللفظ يحتمل ، ولهذا ما هي هذه الآية نص في الرؤية يوم القيامة. واعلم أنه سبحانه نزل في جماله مباسطة معنا إلى أن ندركه بأبصارنا ، وينظر إلى هذا قوله عليهالسلام [وترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترون الشمس بالظهيرة ليس دونها سحاب لا تضارون في رؤيته] وقال تعالى في حق أصحاب الجحيم (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) والنظر ب : إلى في كلام العرب لا يكون إلا بالبصر ، وب : في يكون بالعقل وبالفكر ، وباللام يكون للرحمة ، وبغير أداة يكون للتقابل والمكافحة والتأخير ، والأبصار من صفات الوجوه ، وليس العقل منها ، فلابد