(بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) (١٥) والسفرة هم الرسل من الملائكة.
(كِرَامٍ بَرَرَةٍ) (١٦)
مطهرين أرواح قدس (كِرامٍ) بما يجودون به على المرسلين إليهم في رسالتهم (بَرَرَةٍ) أي محسنين ، وهؤلاء هم سفراء الحق إلى الخلق بما يريد أن ينفذه فيهم من الحكم من عالم الأركان ، فإذا أراد الله إنفاذ أمر في خلقه ، أوحى إلى الملك الأقرب إلى مقام التنفيذ ، وينزل الأمر من ملك إلى ملك ، ومن سماء إلى سماء حتى السماء الدنيا ، فينادي بملك الماء فيودع تلك الرسالة ، وينادي ملائكة اللمات ، وهم ملائكة القلوب ، فيلقّنوها فيجعلها لمّات في قلوب العباد ، وأما ملك الماء فيلقي ما أوحي به إليه في الماء ، فلا يشرب الماء حيوان إلا ويعرف ذلك السر إلا الثقلين ، ولكن لا يعرف من أين جاء ، ولا كيف حصل. ومن هذا الباب ما يجده الإنسان من بعض شخص ، وحب شخص من غير سبب ظاهر معلوم له ، ويكون بالسماع وبالرؤية ، وورد خبر في مثل هذا ، كما أن بين السماء السابعة والفلك المكوكب كراسي عليها صور كصور المكلفين من الثقلين ، وستور مرفوعة بأيدي ملائكة مطهرة ، ليس لهم إلا مراقبة تلك الصور ، وبأيديهم تلك الستور ، فإذا نظر الملك إلى الصور قد سمجت وتغيرت عما كانت عليه من الحسن ، أرسل الستر بينها وبين سائر الصور ، فلا يعرفون ما طرأ ، ولا يزال الملك من الله مراقبا تلك الصورة فإذا رأى تلك الصورة قد زال عنها ذلك القبح وحسنت رفع الستر ، فظهرت في أحسن زينة ، وتسبيح تلك الصور ، وهؤلاء الأرواح الملكية الموكلة بالستور ، [سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح].
(قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) (١٧)
كل ما في الكون مسخّر للإنسان ومع ذلك كفر ، فالويل لمن زهد في اعتبار وجوده وحقره ، والصغار له فما أذله وأصغره ، فليته كما كفره شكره ، فيكون من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فانتظموا في سلك عسى المدخرة في الدار الباقية المؤخرة.