(٨١) سورة التّكوير مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١)
اعلم أن الشمس والقمر والدراري تكون يوم القيامة في النار ، والشمس مكورة قد نزع الله نورها من أعين أهل النار ، بالحجاب الذي بينها وبين أعينهم ، فهي طالعة عليهم غاربة ، كما تطلع على أهل الدنيا في حال كسوفها ، وكذلك القمر وجميع الدراري على صورة سباحتهم الآن في أفلاكهم ، لكنّها مطموسات في أعينهم للحجاب الذي على أعينهم ، قال تعالى :
(وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ) (٢)
ـ الوجه الأول ـ فيشهد أهل النار أجرام السيارة طالعة عليهم وغاربة ، ولا يشهدون لها نورا لما في الدخان من التطفيف ، فكما كانوا في الدنيا عميا عن إدراك أنوار ما جاءت به الشرائع من الحق ، كذلك هم في النار عمي عن إدراك أنوار هذه السيارة وغيرها من الكواكب ، فأهل النار في ظلمة لا تزال أبدا ، لأن ليلهم لا صباح له ـ الوجه الثاني ـ (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) بما ترميهم من الشرر.
(وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٥)
للشهادة يوم الفصل والقضاء ، ليفصل الله بينهم كما يفصل بيننا ، فيأخذ للجماء من القرناء كما ورد ، وهذا دليل على أنهم مخاطبون مكلفون من عند الله ، فإنها أمم أمثالنا ، والوحوش كلها تحشر في النار إنعاما من الله على النار ، إلا الغزلان وما استعمل من الحيوان في سبيل الله ، فإنهم في الجنان على صور يقتضيها ذلك الموطن ، وكل حيوان تغذى به أهل الجنة في الدنيا خاصة.