كمشيئة الحق في النفوذ ، وفي الحس في الدنيا يقع بعض ما يشاء العبد ، وفي الآخرة الحق مع العبد على كل ما يشاؤه ، فالحق في الإيجاد لمشيئة العبد في الحضرة الخيالية في الدنيا خاصة ، وفي الآخرة في الجنة عموما ـ تحقيق ـ اعلم أن الإمكان للممكن هو الحكم الذي أظهر الاختيار من المرجّح ، والذي عند المرجح أمر واحد ، وهو أحد الأمرين لا غير ، فما ثمّ بالنظر إلى الحق إلا أحدية محضة خالصة لا يشوبها اختيار ، ألا تراه يقول تعالى : لو شاء كذا لكان كذا ، فما شاء ، فما كان ذلك ، فنفى عن نفسه تعلق هذه المشيئة ، فنفى الكون عن ذلك المذكور ، غير أن لله تعالى نسبتين في الحكم الواقع في العالم بالامتناع أو بالوقوع ، فالنسبة الواحدة ما ظهر من العالم في العالم من الأحكام الواقعة والممتنعة بمشيئتهم ، أعني بمشيئة العالم التي أوجدها الله في العالم ، والنسبة الأخرى ما يظهر في الأحكام في العالم لا من العالم ، مشاءة لله تعالى من الوجه الخاص ، ثم هي لله كالآلة للصانع ظاهرة التعلق منفية الحكم ، فالعلماء بالله ينسبون الواقع بالآلة إلى الله ، والذين لا علم لهم ينسبوها إلى الآلة ، وطائفة متوسطة ينسبون إلى الآلة ما ينسب الحق إليها على حد علمه في ذلك ، وينسبون الكل إلى الله أدبا مع الله وحقيقة ، فهم الأدباء مع الله المحققون ، وهم الذين جمعوا بين الشرع والعقل ، والوجه الصحيح في العلم الإلهي لا يتمكن للعقل أن يصل إليه من حيث نظره ، لا بل ولا من جهة شهوده ولا من تجليه ، وإنما يعلم بإعلامه ، فإن العلم بالله من حيث النظر والشهود على السواء ، ما يضبط الناظر ولا المشاهد إلا الحيرة المحضة ، فإذا وقع الإعلام الإلهي لمن وقع حيث وقع ـ من دنيا وآخرة ـ حصل المقصود.
(٨٢) سورة الانفطار مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ) (١) ويحق لها أن تنفطر.
(وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ) (٢)