إذا طمست النجوم ، فلم يبق لها نور إلا سباحتها لا تزول في النار ، لا بل انتثرت ، فهي على غير النظام الذي كان سيرها في الدنيا ، ويحتمل أن يكون المعنى (إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) أي انتثر ضوءها ، فتبقى مظلمة ، وفعلها المودع فيها باق ، فتعطي من الأحكام في أهل النار على قدر ما أوحى فيها الله تعالى ، فاختلف حكمها في أهل النار بزيادة ونقص ، لأن التغيير وقع في الصور لا في الذوات ، فالكواكب كلها في جهنم ، مظلمة الأجرام عظيمة الخلق ، وكذلك الشمس والقمر ، والطلوع والغروب لهما في جهنم دائما ، فشمسها شارقة لا مشرقة ، والتكوينات عن سيرها بحسب ما يليق بتلك الدار من الكائنات ، فذوات الكواكب في جهنم صورتها صورة الكسوف عندنا.
(وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٥)
لأنها تجده محضرا ، يكشفه لها النور الذي أشرقت به أرض المحشر في قوله تعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها).
(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٦)
وجودك عن تدبير أمر محقق |
|
وتفصيل آيات لو أنك تعقل |
فيا أيها الإنسان ما غرّ ذاتكم |
|
برب يرى الأشياء تعلو وتسفل |
فإن كنت ذا عقل وفهم وفطنة |
|
علمت الذي قد كنت بالأمس تجهل |
وذلك أن تدري بأنك قابل |
|
لقرب وبعد بالذي أنت تعمل |
فخف رب تدبير وتفصيل مجمل |
|
فذاك الذي بالعبد أولى وأجمل |
إذا كان هذا حالك اليوم دائبا |
|
لعل بشارات بسعدك تحصل |
فإن جلال الحق يعظم قدره |
|
وفي الخلق يقضي ما يشاء ويفصل |
فالرب الكريم خلق ، فعيّن الشكل وفصّل الأجزاء في الكل ، لذلك قال (يا أَيُّهَا