القاع منها ، كما يكون في الجلد سواء ، فلا ترى في الأرض عوجا ولا أمتا ، فيأخذ البصر جميع من في الموقف بلا حجاب من ارتفاع وانخفاض ، ليرى الخلق بعضهم بعضا ، فيشهدوا حكم الله بالفصل والقضاء في عباده.
(وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥) يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) (٧)
وهم أهل السعادة.
(فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) (٨)
القيامة الكبرى هي قيامة البعث والحشر الأعظم الذي يجمع الناس فيه ، والإنسان في القيامة الكبرى ما بين مسؤول ومحاسب ، ومناقش في حسابه وغير مناقش ، وهو الحساب اليسير ، وهو عرض الأعمال على العبد من غير مناقشة ، والمناقشة السؤال عن العلل في الأعمال ، فالسؤال عام في الجميع حتى في الرسل ، سألت عائشة أم المؤمنين عن قوله تعالى (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [ذلك العرض يا عائشة من نوقش الحساب عذب].
(وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ) (١٠)
يوم القيامة تتطاير الكتب فتتميز المراتب ، فمن الناس من يأخذ كتابه بيمينه لقوة يقينه ، ومنهم الآخذ بشماله لإهماله ، ومنهم من يأخذه من وراء ظهره لجهله بأمره ، لأنهم حين أتاهم به الرسول نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا في الدنيا ، فبئس ما يشترون في الأخرى (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ). ـ الوجه الأول ـ وليس أولئك إلا الأئمة الضلال المضلون ، الذين ضلوا وأضلوا ، باعوا العالي بالدون ، وابتاعوا الحقير بالعظيم ، فهم المغبونون ، فإذا كان يوم القيامة قيل له : خذ كتابك من وراء ظهرك ؛ أي الموضع