في زعمه ، لكونه يتخيل أنه على الحق قيل : بشره ؛ لانتظاره البشرى ، ولكن كانت البشرى له بعذاب أليم ، وأما من طريق اللغة فهو أن يقال له ما يؤثر في بشرته ، فإنه إذا قيل له خير أثر في بشرته بسط وجه وضحكا وفرحا واهتزازا وطربا ، وإذا قيل له شر أثر في بشرته قبضا وبكاء وحزنا وكمدا واغبرارا وتعبيسا ، فلهذا كانت البشرى تنطلق على الخير والشر لغة ، وأما في العرف فلا ، ومن عينته الرسل بالبشرى أنه شقي فقد تميز بالشقاء.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٢٥)
(٨٥) سورة البروج مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ) (١)
خلق الله في جوف الكرسي جسما شفافا مستديرا قسمه اثني عشر قسما ، سمى الأقسام بروجا ، وهي التي أقسم بها لنا في كتابه فقال (وَالسَّماءِ) لعلوها علينا ، وهي الفلك الأدنى ، خلقه الله وقسمّه اثني عشر قسما سماها البروج ، فجعل كل قسم برجا (ذاتِ الْبُرُوجِ) وتسمى هذه السماء الفلك الأطلس ، قسمّه الحق على اثنى عشر مقدارا ، فعمت المقادير ، وإنما كانت الفروض المقدرة في الفلك الأطلس اثني عشر فرضا لأن منتهى أسماء العدد إلى اثنى عشر اسما ، وهو من الواحد إلى العشرة ، إلى المائة وهو الحادي عشر ، إلى الألف وهو الثاني عشر ، وليس وراءه مرتبة أخرى ، ويكون التركيب فيها بالتضعيف إلى ما لا نهاية له بهذه الأسماء الخاصة ، وجعل سبحانه البروج محلات لسكنى اثنى عشر ملكا ، أنزلهم الله فيها فهي بروج لأرواح ملكية على طبائع مختلفة ، سمى كل برج باسم ذلك الملك الذي جعل ذلك المقدار برجا له يسكنه ، كالأبراج الدائرة بسور البلد ، وكمراتب الولاة في الملك ، وهي البروج المعلومة عند أهل التعاليم ، وجعل الله لكل وال ساكن في هذا البرج أحكاما معلومة عن دورات مخصوصة ، وأسماء هذه الملائكة التي تسمت بها البروج هي :