الأعلى ، فإنه تعالى كان مرافقه في الدنيا ، وعلم منه أنه يريد بطلوع الفجر الرجوع إلى عرشه من السماء الدنيا التي نزل إليها في ليل نشأته الطبيعية ، فلم يرد صلىاللهعليهوسلم مفارقة رفيقه ، فانتقل لانتقاله ورحل لرحلته ، ولذلك قال صلىاللهعليهوسلم [الرفيق].
(وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (٢)
عشر الحج أيام ترك زينة ، ولهذا شرع للمحرم ترك الزينة ، وشرع لمن أراد أن يضحي إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا يقص ظفرا ولا يأخذ من شعره.
(وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (٣)
لابد من رب وعبد ، فقد ثبت الجمع وتعين الشفع ، فالشفعية حقيقة العبد ، إذ العبادة تناقض التوحيد ، فإنها تطلب عابدا ومعبودا ، والعابد لا يكون المعبود ، فإن الشيء لا يذل لنفسه ، والوترية لا تنبغي إلا لله من حيث ذاته ، وتوحيد مرتبته أي مرتبة الإله لا تنبغي إلا لله من غير مشاركة ، فأبرز العالم في الشفعية لينفرد سبحانه بالوترية ، فيصح الاسم الواحد الفرد ، ويتميز السيد من العبد ، والعبودية عبوديتان : عبودية اضطرار ويظهر ذلك في أداء الفرائض ، وعبودية اختيار ويظهر ذلك في النوافل ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [إن الله وتر يحب الوتر] وأوتر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بواحدة وبثلاث وبالخمس وبالسبع وبالتسع وبإحدى عشرة ، وكل فرد وتر بالغا ما بلغ ، وكل مشفع وترا أحد ، وكل موتر شفعا وتر وفرد وأحد ، ويسمى وترا لأنه طالب ثأر من الأحد الذي شفع فرديته ، فإن الحكم للأحد في شفع الفرد ، ليس للفرد ولا للوتر ، فلما انفرد به الأحد طلب الفرد ثأره من الأحد بالوتر ، فإن الوتر في اللسان العربي بلحنهم هو الذّحل ، وهو طلب الثأر ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم في الذي تفوته صلاة العصر في الجماعة [كأنما وتر أهله وماله] كأن صلاة الجماعة في العصر طلبت ثأرها من المصلي فذا مع تمكنه من الجماعة ، وإذا أوتر بواحدة سميت البتيرا ، لأن من شأن الوتر على حكم الأصل أن يتقدمه الشفع ، فإذا أوتر بواحدة لم يتقدمها شفع فكانت البتيرا على التصغير ، والأبتر هو الذي لا عقب له ، وهذه البتيرا ما هي بتيرا لكونها لا عقب لها ، وإنما هي بتيرا لكونها ليست بمنتجة ولا نتجت ، فإذا تقدمها الشفع لم تكن