(٩٠) سورة البلد مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) (٣)
ينسب الولد لوالده فإن له عليه ولادة بوضعه في الرحم ، وينسب إلى الأم لأن لها عليه ولادة بخروجه من بطنها.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) (٤)
ـ إشارة ـ وما خلقه الله في كبد إلا ليشفق عليه كل أحد.
(أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ) (٨)
ومن أوجه ذلك أن كان الإنسان ذا بصر وبصيرة ، فما جعل الله للإنسان عينين إلا ليدرك بهما الصفتين ، عين حس وعين عقل ، بصيرة وبصر ، فكل عين لها طريق وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى ، فالعين التي أدركت أن الرمي لله غير العين التي أدركت بها أن الرمي لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله خلق من كل زوجين اثنين ، خلق لإدراكهما عينين ، عينا يشهد بها خالقه الواجب الوجود ، وعينا يشهد بها إمكانه ، فلا تنظر إلى الحق نظرا يفنيك عن إمكانك فتدعي أنك الحق فتقع في الجهل ، ولا تنظر إلى إمكانك نظرا يفنيك عن الحق فيورثك الصمم فتجهل ما خلقت له ، فكن تارة وتارة ، فإن الإنسان الكامل الخليقة جعل له عينين ، ينظر بالعين الواحدة إلى الحق تعالى من كونه غنيا عن العالمين فلا يراه في شيء ولا في نفسه ، وينظر إليه بالعين الأخرى من اسمه الرحمن بكونه يطلب العالم ويطلبه العالم فيراه ساري الوجود في كل شيء ، فيفتقر بهذه النظرة من هذه العين إلى كل شيء من حيث