(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ) (٣)
العالي يدعو (اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) والأعلى يقال له.
(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (٤)
يعني في المقربين ـ نصيحة ـ ما أثقل الظهر سوى الوزر فلا تضف إلى أثقالك أثقالا ، وكن لرحى ما يراد منك ثقّالا ، هنا تحط الأثقال ، أثقال الأفعال والأقوال.
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (٦)
ـ الوجه الأول ـ المعية هنا امتزاج لا معية مقارنة ولا تعاقب ، ولذلك كررها ، فلو لا وجود اليسر مع العسر لم يكن عسر العموم الهلاك ، ولو لا وجود العسر في اليسر لم يكن يسرا ، وبضدها تتبين الأشياء ، ثم إن العسر يؤول كله إلى اليسر ، فقد سبقت الرحمة الغضب وذلك عناية من الله تعالى ـ الوجه الثاني ـ اليسر الذي ذكره الله تعالى في قوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فعرف بالألف واللام يشير به إلى اليسر المنكر في هذه السورة ، أي ذلك اليسر الذي أردت بكم هو قوله : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) في عسر المرض يسر الإفطار (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ) عسر السفر (يُسْراً) يسر الإفطار أيضا (فَإِذا فَرَغْتَ) من المرض أو السفر (فَانْصَبْ) نفسك للعبادة وهو الصوم ، يقول : اقضه (وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) في المعونة ، فأتى بعسر واحد بين يسرين ، فلا يكن الحق يراعي اليسر في الدين ورفع الحرج ويفتي المفتي بخلاف ذلك ، قال بعضهم في يسرين بينهما عسر :
إذا ضاق عليك الأمر |
|
ففكر في ألم نشرح |
فعسر بين يسرين |
|
إذا ذكرته فافرح |
لأنه سبحانه نكرّ اليسر وأدخل الألف واللام اللتين للعهد والتعريف على العسر ، أي العسر الثاني هو عين الأول ، وليس ذلك في اليسر ، فمن سلك هنا ما توعر تيسر له في آخرته ما تعسّر ، إن مع العسر في الدنيا يسرا فيها ، ثم إن مع العسر في الدنيا يسرا في الآخرة