لمن فهم معانيها بما يعانيها.
(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) (٧)
فالعبد مطلوب بالاجتهاد والجد ، ما هذه الدار دار راحة (فَإِذا فَرَغْتَ) من أمر أنت فيه (فَانْصَبْ) في أمر يأتيك في كل نفس ، فأين الفراغ؟ وأين الراحة في دار التكليف؟
(وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (٨)
فإنه من قنع بالجهل وأساء الأدب ، فلا يزهد في الطلب ، ومن هنا أمره الحق أمرا حتما ، أن يقول : رب زدني علما ، فإن الله ما أراد منك في هذا الأمر إلا دوام الافتقار ، ووجود الاضطرار ، فلا تقطع المعاملة ، وعليك باستعمال المراسلة في طلب المواصلة ، مواصلة لا أمد لانقضائها ولا راد لقضائها ـ إشارة ـ كان شيخنا أبو مدين رحمهالله يقول في هذه الآية (فَإِذا فَرَغْتَ) من الأكوان (فَانْصَبْ) قلبك لمشاهدة الرحمن (وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) في الدوام فإذا دخلت في عبادة فلا تحدث نفسك بالخروج منها ، وقل يا ليتها كانت القاضية ـ إشارة ـ إذا أردت أيها المصلي أن يقبل كلامك ، ويتلقى بالترحيب سلامك ، فلا تدخل مصلاك ، حتى تعرف من تولاك ، وتتفرغ عن أهلك ودكانك ، وعمادك وسلطانك ، فإذا فرغت من الأكوان ، فانصب ذاتك لمشاهدة الرحمن ، وإلى ربك فارغب في الدوام ، إن أردت أن تفوز بلذة السلام.
(٩٥) سورة التّين مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣)
وصف الحق البلد بالأمانة فسماه أمينا ، وهو أرض ذو جدران وأسوار وتراب وطين ولبن ، وأقسم به كما أقسم بغيره تعظيما لمخلوقات الله ، وتعليما لنا أن نعظم خالقها ، ونعظمها