اعلم أن الرحمن خلق الإنسان علمه البيان وهو ما ينطق به اللسان ، ثم الرب الأكرم هو.
(الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤)
ما يخطه البنان ، فالإنسان بنيان ، صنعة رب كريم وأكرم ورحمان.
(عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى) (٦)
أبان الله عن أرفع طريق الهدى ، وزجر عن طريق الردى ، فقال (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) ردعا وزجرا لحالة تحجبك ، فإن عزة الإيمان أعلى ، وعزة الفقر أولى ، فقال :
(أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) (٧)
وذلك بأن يغلق الله عليه باب العطاء ، لما جعل في قلبه من خوف الفقر إن أعطى ، فيطغى في غناه في عين فقره ، فإن هو أعطى ما به استغنى افتقر فاحتقر ، فلا يزال الغني خائفا ولا يزال الفقير طالبا ، فالرجاء للفقير فإنه يأمل الغنا ، والخوف للغني فإنه يخاف الفقر.
(إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) (٨)
ـ إشارة ـ لا راحة مع الخلق ، فارجع إلى الحق فهو أولى بك ، إن عاشرتهم على ما هم عليه بعدت عنه ، فإنهم على ما لا يرضاه ، وإن لم تعاشرهم وقعوا فيك ، فلا راحة.
(أرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) (١٤)
ما قال الله تعالى ذلك توبيخا وتنبيها وعرف بذلك عباده إلا لاختلاف أهل النظر في ذلك ، بين أنه يرانا وبين أنا نراه ، فالمؤمن على كل حال يعلم بأن الله يراه من هذا التعريف ،