الأسبوع ، حتى يأخذ كل شهر من الشهور قسطه منها ، وكذلك كل يوم من أيام الأسبوع ، كما جعل رمضان يدور في الشهور الشمسية ، حتى يأخذ كل شهر من الشهور الشمسية فضيلة رمضان فيعمّ فضل رمضان فصول السنة كلها ، وعلامتها محو الأنوار بنورها ، فيمحو نور ليلة القدر شعاع الشمس حتى تعلو قيد رمح أو أقل من ذلك ، فحينئذ يرجع إليها نورها ، فترى الشمس تطلع في صبيحتها صبيحة ليلة القدر كأنها طاس ليس لها شعاع ، من وجود الضوء ، مثل طلوع القمر لا شعاع له.
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٢)
التي أمرنا بالتماسها لعظم قدرها وعظم قدر من أنزلها ، وحقارة من التمسها عند نفسه بالتماسها ، فإنه شاهد بالتماس هذا الخير العظيم القدر على نفسه بافتقار عظيم يقابله ، لأن العبد كلما أراد أن يتحقق بعبوديته حقرّ قدره ، إلى أن يلحق نفسه بالعدم ، فسميت ليلة القدر لمعرفة أهل الحضور فيها بأقدراهم ، أعني بحقارة أقدارهم.
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (٣)
ـ الوجه الأول ـ إن ليلة القدر إذا صادفها الإنسان هي خير له فيما ينعم الله به عليه من ألف شهر ، أن لو لم تكن إلا واحدة في ألف شهر ، فكيف وهي في كل اثني عشر شهرا في كل سنة؟ ـ الوجه الثاني ـ ما أراد بألف شهر توقيتا ، بل أراد أنها خير على الإطلاق من جميع ليالي الزمان ، في أي وجود كان ، وفيه زمان رمضان ويوم الجمعة ويوم عاشوراء ويوم عرفة وليلة القدر ، فكأنه قال : تضاعف خيرها ثلاثا وثمانين ضعفا وثلث ضعف ، لأنها ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، قد تكون الأربعة أشهر مما يكون فيها ليلة القدر ، فيكون التضعيف في كل ليلة قدر أربعة وثمانين ضعفا ، فانظر ما في هذا الزمان من الخير ، فهي خير من ألف شهر من غير تحديد ، وإن كان الزائد على ألف شهر غير محدود ، فلا يدري حيث ينتهي ، فما جعلها الله أنها تقاوم ألف شهر ، بل جعلها خيرا من ذلك ، أي أفضل من ذلك من غير توقيت ، فإذا نالها العبد كان كمن عاش في عبادة ربه مخلصا أكثر من