أسفل ، فإن الأعمال في الدنيا من مشاق النفوس ، والمشاق محلها النار ، فتنزل كفة عمله تطلب النار ، وترتفع الكفة التي هو فيها لخفتها فيدخل الجنة ، لأن لها العلو. والشقي تثقل كفة الميزان التي هو فيها ، وتخف كفة عمله ، فيهوي في النار ، وهو قوله (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) فكفة ميزان العمل هي المعتبرة في هذا النوع من الوزن ، الموصوفة بالثقل في السعيد لرفعة صاحبها ، والموصوفة بالخفة في حق الشقي لثقل صاحبها ، وهو قوله تعالى : (يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) وليس إلا ما يعطيهم من الثقل الذي يهوون به في نار جهنم.
(١٠٢) سورة التكاثر مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) (١)
تفسير من باب الإشارة : من حصل له العلم بالأحكام التي يحتاج إليها فلا يكثر مما لا يحتاج إليه ، فإن التكثير مما لا حاجة فيه سبب في تضييع الوقت عما هو أهم ، فعلى الإنسان أن يربط نفسه بما فيه سعادته ونجاته ، ولا يكون ممن قال سبحانه وتعالى فيهم (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) ليقال ـ الحديث إنك عالم ـ فقد ذم الله ذلك في كثير العلم وقليله ، وليعمر العبد أوقاته بما هو أولى به.
(حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) (٧)
اليقين هو كل ما ثبت واستقر ولم يتزلزل ، فله علم وعين وحق ، أي وجوب حكمه ، فلا يضاف إلى اليقين إلا ما يقبله ، فإن كان مما تدل عليه علامة أضيف إليه العلم ، وإن لم يكن فلا يضاف إليه ، وإن كان مما يشهد أضيف إليه العين ، وإن لم يكن فلا تضاف