(نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ) (٦)
النار ناران نار كلها لهب |
|
ونار معنى على الأرواح تطلع |
وهي التي مالها سفع ولا لهب |
|
لكن لها ألم في القلب ينطبع |
(الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) (٧)
فالنار ناران : نار تظهر حكمها في ظاهر الإنسان ، مثل قوله تعالى : (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها) ونار لها حكم في الباطن وهي قوله تعالى : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) والأفئدة باطن الإنسان ، فهي تظهر في فؤاد الإنسان ، والعبد منشىء النارين في الحالين ، فلو لا المكلف أنشأ صورة النارين بعمله الظاهر والباطن ما تعذب بنار :
فالنار منك وبالأعمال توقدها |
|
كما بصالحها في الحال تطفيها |
فأنت بالطبع منها هارب أبدا |
|
وأنت في كل حال فيك تنشيها |
فنار جهنم لها نضج الجلود ، وحرق الأجسام ، ونار الله نار ممثلة مجسدة ، لأنها نتائج أعمال باطنة ، ونار جهنم نتائج أعمال حسية ظاهرة ، ليجمع من هذه صفته بين العذابين ، ولذلك فإن أبواب جهنم سبعة بحسب أعضاء التكليف الظاهرة ، لأن باب القلب مطبوع عليه لا يفتح من حين طبع الله عليه ، عندما أقر له بالربوبية ، وعلى نفسه بالعبودية ، فللنار على الأفئدة اطلاع لا دخول ، لغلق ذلك الباب ، والمنافق معذب بالنار التي تطلع على الأفئدة إذ أتى في الدنيا بصورة ظاهر الحكم المشروع من التلفظ بالشهادة ، وإظهار تصديق الرسل والأعمال الظاهرة ، والمنافقون ما عندهم في بواطنهم من الإيمان مثقال ذرة ، فبهذا القدر تميزوا من الكفار ، والمؤمن ليس للنار اطلاع على محل إيمانه البتة ، فما له نصيب في النار التي تطلع على الأفئدة.
(إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ) (٨)