(١٠٦) سورة قريش مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) (١)
التقرش التقبض والاجتماع ، ولما كانت هذه القبيلة جمعت قبائل سميت قريشا ، أي مجموع قبائل ، ولما كان الغالب على قريش التجارة فإنهم كانوا تجارا دون غيرهم من الأعراب ، خاطبهم الله تعالى بقوله (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) (إِيلافِهِمْ).
(إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (٤)
اعلم أن الإنسان إذا أكل الطعام حتى يشبع فذلك ليس بغذاء ، ولا بأكل على الحقيقة ، وإنما هو كالجابي الجامع للمال في خزانته ، والمعدة خزانة لما جمعه هذا الآكل من الأطعمة والأشربة ، فإذا جعل فيها أعني في خزانة معدته ما اختزنه فيها ورفع يده ، حينئذ تتولاه الطبيعة بالتدبير ، وينتقل ذلك الطعام من حال إلى حال ، ويغذيه بها في كل نفس يخرج عنه دائما ، فهو لا يزال في غذاء دائم ، ولو لا ذلك لبطلت الحكمة في ترتيب نشأة كل متغذ ، والله حكيم فإذا خلت الخزانة حرك الطبع الجابي إلى تحصيل ما يملؤها به ، فلا يزال الأمر هكذا دائما أبدا ، قال صلىاللهعليهوسلم [الجوع بئس الضجيع] وكان صلىاللهعليهوسلم يتعوذ من الجوع ، وهو الجوع الذي يؤثر خبلا.