(١٠٧) سورة الماعون مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) (٥)
من شرف الصلاة أن الله علّق الوعيد بمن سها عنها لا فيها ، لأنه ربما يسترسل المصلي بالتدبر في التلاوة فيؤثر ذلك شكا له في صلاته ، فلا يدري ما مضى من صلاته ، فشرع أن يسجد سجدتي سهو يرغم بهما الشيطان ، ويجبر بهما النقصان ، ويشفع بها الرجحان فتتضاعف صلاته ، فيتضاعف الأجر ، وذلك في النفل والفرض سواء ، وما توعد الله بمكروه من سها في صلاته ، وأما حديث ما يقبل الله من صلاة عبده إلا ما عقل ، عشرها تسعها ، ثمنها سبعها ، سدسها خمسها ، ربعها ثلثها نصفها ، فجعل أكثره النصف وأقله العشر ، وما ذكر النصف إلا في الفاتحة ، يريد أداء حق الله تعالى ، والفاتحة تسعة أقسام : القسم الأول بسم الله الرحمن الرحيم ، والثاني الحمد لله رب العالمين ، الثالث الرحمن الرحيم ، الرابع ملك يوم الدين ، الخامس إياك نعبد ، السادس إياك نستعين ، السابع اهدنا الصراط المستقيم ، الثامن صراط الذين أنعمت عليهم ، التاسع غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فالخاسر الساهي عن صلاته من لم يحضر مع الله في قسم واحد من هذه الأقسام التي ذكرناها في الفاتحة ، وهي التي ذكر الله في القبول من العشر إلى النصف ، وما زاد على التسعة فعقله في التلاوة حروف الكلمة ، فقد يعقل المصلي حرفا من حروف الكلمة ثم يغفل عن الباقي ، فهذا معنى قوله صلىاللهعليهوسلم العام إنه لا يقبل إلا ما عقل منها ، فالعاقل من أتى بها كاملة ليقبلها الله كاملة ، ومن انتقص شيئا من صلاته جبرت له في قراءة الفاتحة في نوافله من الصلاة ،