فليكثر من النوافل ، فإن لم تف قراءتها في النوافل بما نقصه من قراءة الفاتحة في الفريضة ، أكملت له من تلاوته بحضور في غير الصلاة المعينة ، وأما بالنسبة للخاصة فإن العبد في صلاته بين مناج ومشاهد ، فقد يسهو عن مناجاته لاستغراقه في مشاهدته ، وقد يسهو عن مشاهدته لاستغراقه في مناجاته مما يناجيه به من كلامه ، ولما كان كلامه سبحانه مخبرا عما يجب له من صفات التنزيه والثناء ، ومخبرا عما يتعلق بالأكوان من أحكام وقصص وحكايات ووعد ووعيد ، جال الخاطر في الأكوان لدلالة الكلام عليها ، وهو مأمور بالتدبر في التلاوة ، فربما استرسل في ذلك الكون لمشاهدته إياه ، فيخرج من كون ذلك الكون مذكورا في القرآن إلى عينه خاصة ، لا من كونه مذكورا لله على الحد الذي أخبر به عنه ، فإذا أثر مثل هذا شكا له في صلاته فيسجد سجدتي السهو يرغم بهما الشيطان.
(الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ) (٦)
فهم في بواطنهم على خلاف ما يبدو للناس ، فعلم الله ذلك منهم ، ومن الأمراض الفعلية ترك العمل من أجل الناس ، وهو الرياء عند الجماعة ، وأما العمل من أجل الناس فذلك شرك ، ما هو رياء عند السادة من أهل الله ، ودواؤه (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) وما أشبه هذه الآية.
(وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) (٧)
(١٠٨) سورة الكوثر مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٣)
يقول الله تعالى لمحمد صلىاللهعليهوسلم : إن الذي ألحق بك الشين هو الأبتر ، فلم يعقب أي لا عقب له ، أي لا يترك عقبا ينتفع به بعد موته ، كما قال عليهالسلام [أو ولد صالح يدعو له].