له من الاشتراك فيه مع غيره ، بل له الأحدية الذاتية التي لا تعلل ولا تكون علة ، فهي الوجود ، فهو سبحانه من حيث نفسه له أحدية الأحد ، ومن حيث أسماؤه له أحدية الكثرة.
(اللَّهُ الصَّمَدُ) (٢)
ـ الوجه الأول ـ نفى الجسم ، ولما كان الصوم صفة الصمدانية ، وهو التنزه عن التغذي ، وحقيقة المخلوق التغذي ، قال تعالى في الحديث القدسي [كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به] ـ الوجه الثاني ـ لما كان الاضطرار يردك إلى الله ، لهذا تسمى تعالى لنا بالصمد ، لأن الكون يلجأ إليه في جميع الأمور ، وهي الصمدية المقيدة ، وهي من صفة الكرم. ـ الوجه الثالث ـ الصمدية المطلقة عن التقييد هي التي تستحق أن تكون صفة تنزيه ، إذ لا تعلق لها بكون ، فبها يتعلق المتوكلون في حال توكلهم ، والحق تعالى لا يسلم من توكل عليه وفوض أمره إليه ، فإن الأسباب قد تخون من اعتمد عليها ولجأ إليها في أوقات ، فإن الجاهل يصمد إلى الأسباب صمدا ، ومن الغيرة الإلهية ما قال لك على لسان رسوله في الشيء الذي تستتر به عند الصلاة في قبلتك ، أن تميل به نحو اليمين أو الشمال قليلا ولا تصمد إليه صمدا ، فهذا من الغيرة الإلهية أن يصمد إلى غيره صمدا ، وفيه إثبات للصمدية في الكون بوجه ما ، فذلك القدر الذي أشار إليه الشارع يكون حظ المؤمن من الصمدية ، فما لا يظهر إلا بك ، فأنت الصمد فيما لا يظهر إلا بك ، والجاهل يصمد إلى الأسباب صمدا ، ويجعل حكم الميل إلى اليمين أو الشمال لصمدية الحق عكس القضية ، وإنما شرع النبي صلىاللهعليهوسلم في السترة الميل إلى اليمين أو الشمال ينبه على السبب القوي باليمين ، وعلى السبب الضعيف بالشمال الخارج ، فالخارج عن الله بالكلية هو صاحب اليمين ، والذي لاح له بارقة من الحق ضعف اعتماده على السبب فجعله من الجانب الأضعف ، إذ لابد من إثبات السبب ، ولا يصمد إلا إلى الله صمدا.
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣)