ـ الوجه الأول ـ فنفى الوالد والولد ـ الوجه الثاني ـ من قوله تعالى (لَمْ يَلِدْ) فيه تنزيه الذات ، فلا يصح أن يكون علة لمعلول ، ولا شرطا لمشروط ، ولا حقيقة لمحقق ، ولا دليلا لمدلول ، ولا سيما وقد قال سبحانه (لَمْ يَلِدْ) مطلقا وما قيد ، فلو كان حقيقة لولد محققا ، ولو كان دليلا لولد مدلولا ، ولو كان علة لولد معلولا ، ولو كان شرطا لولد مشروطا (وَلَمْ يُولَدْ) فهو تعالى منزه عن أن يكون وجوده معلولا لعلة تتقدمه في الرتبة ، أو مشروطا بشرط متقدم ، أو محققا لحقيقة حاكمة ، أو مدلولا لدليل يربطه به وجه الدليل ، فهو تعالى عن المناسبة ، فالمناسبة بين الخلق والحق غير معقولة ولا موجودة ، فلا يكون عنه شيء من حيث ذاته ، ولا يكون عن شيء من حيث ذاته ، وكل ما دل عليه الشرع أو اتخذه العقل دليلا إنما متعلقة الألوهة لا الذات ، والله من كونه إلها هو الذي يستند إليه الممكن لإمكانه ، فهو سبحانه المستند المجهول ، الذي لا تدركه العقول ، ولا تفصل إجماله الفصول ، ولو وقف العاقل من المؤمنين على معنى قوله تعالى في كتابه (وَلَمْ يُولَدْ) وعلم أن ما أنتجه العقل من فكره بتركيب مقدمتيه أن تلك النتيجة للعقل عليها ولادة ، وأنها مولودة عنه ، وهو قد نفى أن يولد ، فأين الإيمان؟ وليس المولود إلا عينه ، بخلاف ما إذا أنتج العقل نسبة الأحدية له ، فما معقولية الأحدية للواحد عين من نسبت إليه الأحدية ، فللعقل على الأحدية ولادة ، وعلى الاستناد إليه ولادة ، وعلى كل لا يكون له على عينه ولادة ، فأما هويته وحقيقته فما للعقل عليها ولادة ، وقد نفى ذلك بقوله (وَلَمْ يُولَدْ) ومن هنا تعرف أن كل عاقل له في ذات الله مقالة إنما عبد ما ولده عقله ، فإن كان مؤمنا كان طعنا في إيمانه ، وإن لم يكن مؤمنا فيكفيه أنه ليس بمؤمن ، ولا سيما بعد بعثة محمد صلىاللهعليهوسلم العامة ، وبلوغها إلى جميع الآفاق :
إنما الله إله واحد |
|
ودليلي قل هو الله أحد |
فإذا ما تهت في أسمائه |
|
فاعلم أن التيه من أجل العدد |
يرجع الكل إليه كلما |
|
قرأ القارىء الله الصمد |
لم يلد حقا ولم يولد ولم |
|
يك كفوا للإله من أحد |
فيحار العقل فيه عندما |
|
يغلب الوهم عليه بالمدد |
ثم يأتيه مشدا أزل |
|
جاء في الشرع ويتلوه أبد |