وبنا كان له الحكم به |
|
فإذا زلنا فكون ينفرد |
فالحق تعالى له الوحدة المطلقة ، وهو الواحد الأحد ، الله الصمد ، لم يلد فيكون مقدمة ، ولم يولد فيكون نتيجة ، فإنه لو أن العقل يدرك الحق حقيقة بنظره ودليله ويعرف ذاته لكان مولدا عن عقله بنظره ، فلم يولد سبحانه للعقول كما لم يولد في الوجود ، ولم يلد بإيجاده الخلق لأن وجود الخلق لا مناسبة بينه وبين وجود الحق ، والمناسبة تعقل بين الوالد والولد ، إذ كل مقدمة لا تنتج غير مناسبها ، ولا مناسبة بين الله وبين خلقه إلا افتقار الخلق إليه في إيجادهم ، وهو الغني عن العالمين.
لذا منع الرحمن في وحيه على |
|
لسان رسول الله في ذاته النظر |
فقال ولا تقف الذي لست عالما |
|
به فيكون الناظرون على خطر |
فلم يولد الرحمن علما ولم يلد |
|
وجودا فحقق من نهاك ومن أمر |
فقوله تعالى (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) تنزيه الذات ، فلا تتعلق ولا يتعلق بها ، ولذلك قال تعالى :
(وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (٤)
فيكون به وجود العالم نتيجة عن مقدمتين ، عن الحق والكفوء ، تعالى الله ، وبهذا وصف نفسه سبحانه في كتابه لما سئل النبي صلىاللهعليهوسلم عن صفة ربه ، فنزلت سورة الإخلاص تخلصت من الاشتراك مع غيره تعالى الله في تلك النعوت المقدسة والأوصاف ـ الوجه الثاني ـ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فنفى الصاحبة كما نفى الشريك بقوله (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) فنفى المماثل الذي لو ثبت صح أن يكون العالم بينهما ، فما هو لنا أب ولا نحن أبناء له ، بل هو الرب ونحن العبيد ، فيطلبنا عبيدا ونطلبه سيدا ، وربما يتوهم من لا معرفة له بالحقائق أنه لو وجدت الكفاءة جاز وقوع الولد بوجود الصاحبة التي هي كفؤ ، فليعلم أن الكفاءة مشروعة لا معقولة ، والشرع إنما لزمها من الطرف الواحد لا من الطرفين ، فمنع المرأة أن تنكح ما ليس لها بكفوء ، ولم يمنع الرجل أن ينكح ما ليس بكفؤ له ، ولهذا له أن ينكح أمته بملك اليمين ، وليس للمرأة أن ينكحها عبدها ، والحق ليس