ألا تراهم إذا تجلى لهم بالعلامة التي قيدوه بها عند ذلك يقرون له بالربوبية ، فلو تجلى لهم ابتداء قبل هذا التقييد لما أنكره أحد من خلقه ، فإنه بتجليه ابتداء يكون دليلا على نفسه ، فلهذا قلنا في الإنسان الكامل : إنه نائب عن الحق في الظهور للخلق لحصول المعرفة به على الكمال الذي تطلبه الصورة الإلهية ، والله من حيث ذاته غني عن العالمين ـ الوجه السابع ـ (سَنُرِيهِمْ آياتِنا) يعني الآيات المنزلة (فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) فكل آية منزلة لها وجهان : وجه يرى في النفس ووجه يرى فيما خرج عن النفس ، فالوجه الذي في النفس يسميه أهل المعرفة إشارة ، ولا يقولون في ذلك إنه تفسير ، فيقولون : تفسير من باب الإشارة ، وإن كان ذلك حقيقة وتفسيرا لمعانيه النافعة ، ويردون ذلك إلى نفوسهم ، مع تقريرهم التفسير في العموم وفيما نزل فيه من الوجه الثاني كما يعلمه أهل اللسان الذي نزل الكتاب بلسانهم ، فعم به سبحانه عند أهل المعرفة الوجهين فإن العوالم أربعة : العالم الأعلى وهو عالم البقاء ، ثم عالم الاستحالة وهو عالم الفناء ، ثم عالم التعمير وهو عالم البقاء والفناء ، ثم عالم النسب ، وهذه العوالم في موطنين ، في العالم الأكبر وهو ما خرج عن الإنسان ، وفي العالم الأصغر وهو الإنسان ، فأما العالم الأعلى ، فالحقيقة المحمدية وفلكها الحياة ، نظيرها في الإنسان اللطيفة والروح القدسي ، ومنهم العرش المحيط ونظيره من الإنسان الجسم ، ومن ذلك الكرسي ، ونظيره من الإنسان النفس ، ومن ذلك البيت المعمور ، ونظيره من الإنسان القلب ، ومن ذلك الملائكة ونظيرها من الإنسان الأرواح والقوى ، ومن ذلك زحل وفلكه ، ونظيره من الإنسان القوة العلمية والنفس ، ومن ذلك المشتري وفلكه ، نظيرهما القوة الذاكرة ومؤخر الدماغ ، ومن ذلك الأحمر وفلكه ، نظيرهما القوة العاقلة واليافوخ ، ومن ذلك الشمس وفلكها ، نظيرهما القوة المفكرة ووسط الدماغ ، ثم الزهرة وفلكها نظيرهما القوة الوهمية والروح الحيواني ، ثم الكاتب وفلكه نظيرهما القوة الخيالية ومقدم الدماغ ، ثم القمر وفلكه نظيرهما القوة الحسية والجوارح التي تحس ، فهذه طبقات العالم الأعلى ونظائره من الإنسان ـ وأما عالم الاستحالة ـ فمن ذلك كرة الأثير وروحها الحرارة واليبوسة ، وهي كرة النار ، ونظيرها الصفراء وروحها القوة الهاضمة ، ومن ذلك الهواء وروحه الحرارة والرطوبة ، ونظيره الدم وروحه القوة الجاذبة ، ومن ذلك الماء وروحه البرودة والرطوبة ، نظيره البلغم وروحه القوة الدافعة ، ومن ذلك التراب وروحه البرودة