وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٨)
(رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) أي لا تنزلهم في الأعراف (وَمَنْ صَلَحَ) الواو هنا بمعنى مع ، يقولون مع من صلح (مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أدبا مع الله ، فلم تقل إنك أنت الغفور الرحيم ، ثم زادت الملائكة في نصرتها للملائكة الموكلين بقلوب بني آدم وهم أصحاب اللمات ، ينصرونهم بالدعاء على أعدائهم من الشياطين ، أصحاب اللمات الموكلين المسلطين على قلوب العباد ، المنازعين لما تلقي الملائكة على قلوب بني آدم في لماتها ، فقالوا : ـ
(وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩)
(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) ـ الوجه الأول ـ نصرة للملائكة على الشياطين ـ الوجه الثاني ـ اعلم أن للمغفرة درجتين : الواحدة ستر المذنبين عن أن تصيبهم عقوبة ذنوبهم ، والدرجة الأخرى سترهم عن أن تصيبهم الذنوب ، وهذا الستر هو ستر العصمة ، فقال تعالى في الستر الواحد : (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) وقال في الستر الآخر في المغفرة : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) أن تقوم بهم فإنه أتم في العناية ، وما ثم للمغفرة ستر آخر ، فالستر الحائل بين المذنب والعذاب ، ستر كرم وعفو وصفح وتجاوز ، والستر الحائل بين العبد والذنب ستر عناية إلهية واختصاص وعصمة ، يوجب ذلك خوفا أو رجاء أو حياء ، كما جاء في صهيب [نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه] ثم تلطفت الملائكة في السؤال بقولهم (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ) يعني القيامة والمعصومين من وقوع السيئات منهم أي يوم تقيه (فَقَدْ رَحِمْتَهُ) وهو قولهم (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً) فجاء ما ذكروه في الوسط بين هذين ، كأنه إيثار للجناب الإلهي (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) (١١)