المسألة بذلك الدليل الذي اجتهدت في تحصيله والعلم به في زعمك ، هذا هو الاجتهاد ، فإن الله تعالى ورسوله ما ترك شيئا إلا وقد نص عليه ولم يتركه مهملا ، فإن الله تعالى يقول : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وبعد ثبوت الكمال فلا يقبل الزيادة ، فإن الزيادة في الدين نقص في الدين ، وذلك هو الشرع الذي لم يأذن به الله ، فينبغي لكل مؤمن أن يجتنب صحبة المبتدعين في دين الله ما لم يأذن به الله.
(تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (٢٢) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (٢٣)
لما كان أجر جميع الرسل على الله وحده ـ من قوله تعالى (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) ـ اختص محمد صلىاللهعليهوسلم بفضيلة لم ينلها غيره ، عاد فضلها على أمته ، ورجع حكمه صلىاللهعليهوسلم إلى حكم الرسل قبله في إبقاء أجره على الله ، فأمره الحق أن يأخذ أجره الذي له على رسالته من أمته ، وهو أن يوادوا قرابته ، فقال له : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي على تبليغ ما جئت به إليكم (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فتعين على أمته أداء ما أوجب الله عليهم من أجر التبليغ ، فوجب عليهم حب قرابته صلىاللهعليهوسلم وأهل بيته ، وجعله باسم المودة وهو الثبوت على المحبة ، فلما جعل له ذلك ، ولم يقل إنه ليس له أجر على الله ولا أنه بقي له أجر على الله ، وذلك ليجدد له النعم بتعريفه ما يسرّ به ، فقيل له بعد هذا : قل لأمتك آمرا ـ ما قاله كل رسول لأمته (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) فما سقط الأجر عن أمته في مودتهم للقربى ، وإنما رد ذلك الأجر بعد تعيينه عليهم ، فعاد ذلك الأجر عليهم الذي كان يستحقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيعود فضل المودة على أهل المودة ، فما