(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ (٣٥) فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٣٦)
احذر من فتنة الحياة الدنيا وزينتها ، والزاهد في الدنيا مال إلى قوله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) وأما العارف فمال إلى قوله تعالى : (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
(وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (٣٨)
المشاورة محاورة ، وهي إن دلت على عدم الاستقلال بجودة النظر ، فهي من جودة النظر ، وإن نبهت على ضعف الرأي فهي من الرأي ، عرض الإنسان ما يريد فعله على الآراء ، دليل على عقله التام ليقف على تخالف الأهواء ، فيعلم مع أحدية مطلوبه أنه وإن تفرد ، فله وجوه تتعدد ، وأي شيء أدل على أحدية الحق ، من مشاورة الخلق ، لا يطلع على مراتب العقول إلا أصحاب المشاورة ، ولا سيما في المسامرة ، فإنها أجمع للهم والذكر ، وأقدح لزناد الفكر.
(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٤٠)
السوء على نوعين : سوء شرعي وسوء ما يسوءك ، وإن حمده الشرع ولم يذمه ، فقد يكون هذا السوء من كونه يسوءك ، لا أن السوء فيه حكم الله ، كما قال تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فالسيئة الأولى شرعية صاحبها مأثوم عند الله ، لأنه تعدى ، والسيئة