القلب ، فيدركه من ألقي عليه فيفهم منه ما قصد به من أسمعه ذلك ، وقد يحصل له ذلك في صورة التجلي حيث كان ، فيكلمه من وراء حجاب صورة ما يكلمه به ، فتخاطبه تلك الصورة الإلهية وهي عين الحجاب ، فيفهم من ذلك الخطاب علم ما يدل عليه ، ويعلم أن ذلك حجاب ، وأن المتكلم من وراء ذلك الحجاب ، ورد في الصحيح تجلي الحق في الصور وتحوله فيها ، وقد يكون من وراء حجاب يريد إسماعه إياه لحجاب الحروف المقطعة والأصوات ، كما سمع الأعرابي القرآن المتلو الذي هو كلام الله ، أو حجاب الآذان أيضا من السامع ، فيكون الحجاب صورة بشرية لتقع المناسبة بين الصورتين بالخطاب ، وقد يكون الحجاب بشريته مطلقا ، فيكلمه في الأشياء كما كلم موسى عليهالسلام من جانب الطور الأيمن في البقعة المباركة ، (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ) فوقع الحد بالجهة ، وتعين البقعة ، فكان الحجاب صورة النار التي وقع فيها التجلي ، (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) من جنسك وغير جنسك ، فمن ـ الوجه الأول ـ يكلمه بواسطة بشر ، وهو قوله (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) فأضاف الكلام إلى الله ، وما سمعته الصحابة ولا هذا الأعرابي إلا من لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو إذا أوحى الله إلى الرسول البشري من الوجه الخاص بارتفاع الوسائط ، وألقاه الرسول علينا ، فهو كلام الحق لنا من وراء حجاب تلك الصورة المسماة رسولا إن كان مرسلا إلينا أو نبيا ، فإن الحق لا يكلم عباده ولا يخاطبهم إلا من وراء حجاب صورة يتجلى لهم فيها ، تكون تلك الصورة حجابا عنه ودليلا عليه ، ألا ترى كلام الله موسى عليهالسلام وقد تجلى له في صورة حاجته وهي النار ، ومن ـ الوجه الثاني ـ (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) يعني لذلك البشر ، فهو ترجمان الحق في قلب العبد ، فيكلمه بوساطة رسول من ملك ، كقوله (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) يعني القرآن الذي هو كلام الله ، على قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ، فيكون قوله تعالى على كلا الوجهين (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) ينوب عنه في الكلام ، وهو الترجمان ، فهو ما ينزل به الملك ، أو ما يجيء به الرسول البشري إلينا إذا نقلا كلام الله خاصة مثل التالي (فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) الله تعالى ما أمره أن يوحي به إليه (إِنَّهُ عَلِيٌّ) أي عليم بما تقتضيه المراتب التي ذكرها وأنزلها منزلتها (حَكِيمٌ) يريد بإنزال ما علمه منزلته ـ تحقيق ـ البشرية حجاب لا يرتفع أبدا ، ـ انظر في بشريتك تجدها عين سترك الذي كلمك من ورائه ، فقد يكلمك منك فأنت حجاب نفسك عنك وستره عليك ، ومن المحال