بوجوب الاحتياط.
توضيح ذلك : إن في موارد العلم الاجمالي حكمين ؛ أحدهما حرمة المخالفة القطعية ، ثانيهما وجوب الموافقة القطعية ، أما حرمة المخالفة القطعية فهو مقتضى منجزية العلم الاجمالي ، وهو خارج عن محل كلامنا ، وأما وجوب الموافقة القطعية ، ففيه مبنيان :
أولهما : ان العلم يكون موجباً للتنجيز بنحو تجب معه الموافقة القطعية الذي يسمى بمبنى العلية لكون العلم الاجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية.
ثانيهما : أن العلم يكون مستدعياً لذلك مقتضياً له ، بمعنى أنّه يستدعي وجوب الموافقة القطعية ما لم يمنع مانع ، أما إذا منع مانع من ذلك ، كما إذا رخّص الشارع بارتكاب أحد الأطراف فلا يكون مستدعياً له ، فلو أمكن جريان البراءة الشرعية في أحد الأطراف ، ولم يكن معارضاً بجريانها في الطرف الآخر يكون موجباً لوجوب الموافقة القطعية ، لا أنه يقتضي ذلك بنحو العلية التامة بحيث لا يمكن انفكاك المعلول عن علته التامة.
وعلى هذا ، فلو كان العلم الاجمالي موجباً للوجوب بنحو العلية التامة لا تصل النوبة الى الأصول الشرعية ، بل يجب الاحتياط بحكم العقل ، فما ذكره من أن الأصول العقلية في الرتبة المتأخرة عن الأصول الشرعية ، ليس بتام.
ويقع البحث في ثلاث جهات :