عن الشبهة بلا فرق بين ان يكون لسان الدليل «صدّق العادل» ، أو كان «ما أديا عني فعني يؤديان» ، أو غيرها من التعابير ، بل كل تعبير يكون مناسبا لهذا الظهور والكشف العرفي عن الاهمية المذكورة يكون كافياً ، ومن هنا ظهر ان ما افاده المحقق النائيني (قدسسره) في الجواب عن الشبهة بان لسان الدليل هو جعل الطريقية والكاشفية لا يفيد في الجواب ، بل لا بد من وجود هذه النكتة وهي الكشف عن الأهمية بتلك الدرجة سواء كان لسان الدليل جعل المؤدى أو جعل الطريقية والكاشفية أو غيرهما.
التقريب الثاني : يظهر بعد بيان بمقدمتين :
الأولى : ان عدم الشيء انما يستند الى وجود المانع في صورة وجود المقتضي فعدم احتراق ما يكون مبتلاً بالماء مع عدم وجود النار مثلاً يستند الى عدم النار لا الى مانعية الماء.
الثانية : ان الحكم الواقعي مقتضٍ للعقاب على مخالفته ، وعدم البيان مانع عن ذلك. واستنتج (ره) من ذلك أي من هاتين المقدمتين ان موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان انما هو عدم البيان على تقدير وجود الحكم في الواقع لا مطلق عدم البيان ، وهذه النتيجة هي نكتة الجواب ، وعليه يقال : ان خطاب حرمة شرب التتن مثلاً ، الواصل بدليل الحكم الظاهري ان كان موافقاً للواقع فهو بيان للحكم الواقعي الناشئ عن مبادئ الحكم الحقيقية ، وان كان مخالفا له فانما هو صرف انشاء بلا روح وليس بيانا للحكم الواقعي ، وقد عرفت ان موضوع البراءة العقلية انما هو عدم البيان على تقدير وجود الحكم في الواقع ، وهذا الموضوع منتف بهذه الامارة أو الاصل لتحقق البيان على تقدير الواقع بذلك.
ويرد عليه أولا : فيما يسلمه من قاعدة قبح العقاب بلا بيان انه إن كان المراد من البيان هو ما يكون وظيفة للمولى من ذكره لكلام يدل على حكمه ، وجعل ذلك في معرض الوصول ، فالقول بتمامية البيان وانتفاء موضوع قاعدة البراءة العقلية صحيح ، لكن ليس مراده ذلك لأنه قائل بجريان البراءة العقلية في الشبهات