الموضوعية مع أن البيان من ناحية المولى تام ، وان كان مراده من البيان هو علم المكلف فمن الواضح أن المكلف لا يعلم بالتكليف حتى على تقدير وجود الحكم في الواقع ، والخطاب الظاهري الواصل انما يتكلف البيان على تقدير الواقع بالمعنى الاول ، لا البيان بالمعنى الثاني.
وثانياً : انه لو سلمنا محالا ثبوت العلم للمكلف على تقدير ثبوت الحكم في الواقع مع انه ليس عالماً على جميع التقادير ، فالبراءة العقلية ثابتة في حقه لانه لا يدري بتحقق التقدير الذي بناء عليه يكون عالما بالحكم ، ومرجع ذلك الى انه عالم به ، وهذا العلم لا يكفي في مقام وصول الحكم ؛ إذ هو بنفسه غير واصل ، والحاصل انه يكفي في جريان البراءة العقلية مطلق عدم العلم ولو كان على بعض التقادير ، ولا يشترط في جريانها خصوص عدم العلم على تقدير وجود الحكم في الواقع.
وما استنتجه المحقق العراقي (قدسسره) من المقدمتين ، من ان موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان انما هو عدم البيان على تقدير وجود الحكم في الواقع في غير محله ؛ فانه لو فرض في المقدمة الاولى ان ذات وجود المانع متوقف على وجود المقتضي صح استنتاج ذلك إذ لازم ذلك انه لا يعقل عدم البيان إلا على تقدير وجود الحكم في الواقع ، ولو فرض ثبوت البيان على ذلك التقدير لم يبق موضوع لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
لكن المفروض في المقدمة الاولى انما هو توقف مانعية المانع على وجود المقتضي دون ذات المانع ، وهذا غير مستلزم لكون موضوع تلك القاعدة عدم البيان على تقدير الواقع ، بل بعد فرض وجود الواقع يبقى احتمالان احدهما : كون قبح العقاب لأجل عدم البيان على تقدير الواقع ، والآخر كونه لأجل مطلق عدم البيان.
ثم ان ما ذكرناه بالنسبة الى المقدمتين ليس موجوداً في كلام المحقق العراقي (قدسسره) وانما ذكرناه توضيحاً لمرامه (قدسسره) ، وتحقيق المقدمة الاولى في محله ، وأما المقدمة الثانية فنقول فيها : ليس عدم البيان مانعاً عن العقاب ، بل البيان