حتى في حال الشك ، وعدم جريانها في فرض العلم بذلك هو أمر وجداني لنا ، وأما اذا انكر ذلك شخص وكان له وجدان غير وجداننا يحكم بعدم الفرق بين الصورتين وجريان القاعدة في كلا الفرضين ، فنقول له : ان مقتضى الجمع بين هذا الوجدان المزعوم والوجدان الحاكم بتنجز الواقع بمثل امر المولى بالاحتياط والتحفظ عليه ، بعد فرض ثبوت هذا الوجدان لذلك الشخص ، فيرى انه لو غرق ابن المولى ولا يرضى المولى بغرقه ووقع الشك في كونه ابناً له أو عدوه ، وأمر المولى عبده بانجائه احتياطاً فلم ينجه الى ان هلك ابن المولى كان مستحقاً للعقاب ، ـ كما يحكم وجداننا بذلك ـ هو ان نلتزم بكون التنجيز من العناوين القصدية.
توضيح المقصود : ان بعض العناوين ليست قصدية ، وهو ما يتحقق ولو بدون قصد ، وذلك كعنوان الايذاء المترتب على مشي زيد مثلاً المزاحم لعمرو فانه يترتب هذا العنوان عليه وان لم يكن الماشي ملتفتا الى ذلك اصلا ، وبعض العناوين قصدية ، أعني أن قوامها بالقصد كعنوان التعظيم ، فمن قام مثلا لا بقصد التعظيم للوارد بل لعمل آخر دعاه الى القيام لم يكن ذلك تعظيما له.
اذا عرفت ذلك فنقول : إن مقتضى الجمع بين الوجدانين هو الالتزام بأن عنوان التنجيز من العناوين القصدية ، فانشاء المولى للحكم الظاهري بداعي التنجيز يكون منجزاً للواقع ، وهذا هو الذي يعبر عنه المحقق الخراساني (قدسسره) بالحكم الطريقي.
ثم انه لا داعي لنا الى الالتزام بما عرفت ، بعد ما بيّناه من التفصيل الذي عرفت بالنسبة الى قاعدة قبح العقاب بلا بيان. هذا ، واعلم ان الذي ذكرناه اخيراً مرجعه ايضا الى الالتزام بتفصيل في الرتبة السابقة.
والحاصل ان المقصود من الوجه الأخير دعوى ان العقل يحكم بتنفيذ الحكم المقطوع به من قبل المولى والحكم المحتمل الذي انشأ المولى الحكم الظاهري بداعي ان يصير الحكم الواقعي منجزاً ، هذا تمام الكلام في قيام الامارات والاصول مقام القطع الطريقي. واعلم ان تمام ما مضى من البحث كان بالنسبة الى الامارات