وانما الكلام والاشكال وقع فيها بعد فرض انه لا يوجد هناك الا دليل واحد يدل على حجية الامارة أو الاصل (١) ، ففي هذا الصدد ذكر الشيخ الاعظم (قدسسره) كلامه الذي نقلناه ، ولكن المحقق ، الخراساني (قدسسره) استشكل في ذلك.
وتوضيح ما أفاده ببيان منا : ان قيام الامارات والاصول مقام القطع الطريقي المحض في المقام الاول في نظر الآخوند انما هو من جهة ان الدليل الدال على قيام الظن مقام العلم لا يمكن ان يكون المراد بالظن والعلم فيه نفس الظن والعلم ، بل لا بد ان يكون المراد بهما المظنون والمقطوع ؛ وذلك لأنه لا يمكن ان ينزل الشارع الظن بما هو ظن مقام العلم بما هو علم في آثاره ولوازمه ، وذلك لأن آثار العلم إما تكوينية ، أو عقلية ، فكاشفيته تكوينية ، ومنجزيته عقلية ، فلا يمكن ان ينزل الشارع الظن مقامه في هذه الآثار لانها ليست بيده ، فلو فرضنا أن الشارع قال : الظن كالعلم ، لا بد ان يكون لحاظ الظن آلة الى الواقع والمظنون ، وكذا العلم فانيا في المعلوم ، ويكون المراد ان المظنون كالمعلوم.
فيرى صاحب الكفاية ان العلم والظن في المقام الاول لا بد ان يكونا آليين وفانيين في المقطوع والمظنون ، واما في المقام الثاني فحيث ان القطع مأخوذ في الموضوع فهو ملحوظ استقلالاً ، ويكون الظن المنزّل منزلته ايضاً ملحوظا استقلالاً ؛ لأن نفس القطع موضوع للحكم الشرعي ، ففي هذا المقام لا بد ان يكون
__________________
(١) ثم ان هذا الدليل الواحد ، قد يفرض أن لسانه تنزيل مؤدى الامارة والأصل مقام الواقع ، كما ورد في الحدي (ما أدّيا عني فعني يؤديان) وقد يفرض أن لسانه تنزيل الظن منزلة القطع ، فان كان لسانه الأوّل فلا يعقل تكلّفه لقيام الإمارة والأصل مقام القطع الموضوعي المأخوذ على وجه الطريقية ، وذلك لأنّ الحاصل من الامارة هو الظن بالواقع والقطع بمؤدّاها ، فالّذي يقوم مقام القطع الموضوعي هو هذا الظن بالواقع أو القطع بمؤدّى الامارة ، والدليل لم يتكفل لقيام أيّ منهما مقامه ، أما الظن بالواقع فلأنه ليس مصب التنزيل وانما مصب التنزيل هو المؤدى وهو المظنون ، وأمّا القطع بالمؤدّى فقيامه مقام القطع بالواقع أيضاً خارج عن التنزيل ، ويحتاج إلى تنزيل ، ويحتاج إلى تنزيل آخر ، وهو منتف.