نفس الظن منزلا منزلة القطع ، لا بما هو آلة ومرآة الى الواقع والمظنون.
فبعد تمامية هاتين المقدمتين وكون العلم والظن ملحوظين آليين في نظر الآخوند وكون التنزيل في المؤدى في باب الامارات في المقام الاول ، وكونهما ملحوظين استقلاليين في المقام الثاني ، استنتج صاحب الكفاية انه مع كون الدليل واحداً في مقام الاثبات لا يمكن جعل كلا الامرين أي كون الامارة قائمة مقام القطع الطريقي المحض وكونها قائمة مقام القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية ؛ لانه مستلزم للجمع بين اللحاظين في كلام واحد ، وهو غير ممكن ، فعلى مبنى الآخوند في المقام الاول ، وهو كون المجعول في باب الامارات جعل المؤدى وتنزيل المظنون منزلة المقطوع بنى هذا الاشكال.
والرد عليه بأن المجعول في باب الامارات هو الطريقية والكاشفية لا جعل المؤدى ، كما عن المحقق النائيني (قدسسره) ، غير صحيح ؛ وذلك لانه اشكال في المبنى لا في البناء ، ومحط كلام الآخوند في الاشكال انما هو كلام الشيخ الاعظم (قدسسره) في الرسائل ، الذي استفاد الآخوند من مجموع كلماته ان مبناه في باب الامارة هو جعل المؤدى وتنزيل المظنون منزلة المقطوع ، فلا ينبغي الاشكال المبنائي عليه.
ولكن هذا الاشكال من المحقق الخراساني (قدسسره) لو ابقي على ظاهره ولم يؤوّل فإنه غير تام ؛ وذلك (١) لان لحاظ الظن أو القطع يكون له واقع ومصداق وله مفهوم ، فمصداق اللحاظ قائم بالمكلف والظان أو القاطع فانه هو الذي يلاحظ الظن أو القطع آليا أو استقلاليا ، ومفهوم اللحاظ مربوط بالمولى والشارع فانه يتصور مفهوم لحاظ الظان أو القاطع الظن أو القطع آلياً أو استقلالياً ، والذي يتصور فيه اللحاظ آليا تارة واستقلاليا أخرى هو مصداق اللحاظ المرتبط بالمكلف.
وأما مفهوم اللحاظ المربوط بالشارع الذي هو جاعل الحكم فلا يتصور فيه
__________________
(١) نهاية الدراية ج ٢ ، ص ١٦.