الثاني : ان يحكم على موضوع بحكم استعمالا بداعي الحكم على ملازمه جداً ، كما في قولنا : «اكرم كثير الرماد» ، فانه يحكم بوجوب اكرام كثير الرماد استعمالاً بداعي الحكم بوجوب اكرام الكريم جدا ، والكناية في المقام لو كانت فانما تكون على الوجه الثاني ، أي ان الكناية في قوله : «الظن منزل منزلة العلم» ، لا بد ان تكون بمعنى انه يحكم بتنزيل الظن منزلة العلم استعمالاً بداعي الحكم بتنزيل ملازمه وهو المظنون منزلة ملازم القطع وهو المقطوع به ، مع انه لا ملازمة بين القطع والمقطوع به والظن والمظنون.
فانه إما أن يدعي الملازمة بين الظن والمظنون بالذات ، أو ان يدعي الملازمة بين الظن والمظنون بالعرض ، فان ادعي الملازمة بين الظن والمظنون بالذات فهي تامة إلا أن المظنون بالذات لا يكون منزلا منزلة المقطوع به بل مصب التنزيل هو المظنون بالعرض ، وهو الحكم الخارج عن عالم ذهن الظان ، وان ادعى الملازمة بين الظن والمظنون بالعرض فهي ممنوعة ، كما لا يخفى.
والمحقق الاصفهاني (قدسسره) اختار في بيان هذا الوجه لتقريب مدعاه الشق الاول ، وذكر ان المظنون بالذات وان لم يكن باعتباره هو مصبا لجعل التنزيل ، إلا أنه باعتباره فانيا في المظنون بالعرض يكون مصبا للجعل ، فلا محذور ، إلا أنه غير تام ؛ حيث ان المظنون بالذات بلحاظ فنائه في المظنون بالعرض وإن كان مصباً للجعل كما ذكرناه إلا أن الملازمة غير متحققة حينئذٍ ، بل الملازمة بين الظن والمظنون بالذات باعتباره هو.
ويمكن ، بعد تسليم مبنى المحقق الخراساني في قيام الامارات والاصول مقام القطع الطريقي الصرف والقطع الموضوعي المأخوذ على وجه الطريقية ، تقريب امكان تكفل دليل واحد لكلا التنزيل بوجوه ثلاثة :
الوجه الأول : ان تنزيل المؤدى منزلة الواقع الذي هو عملية قيام الامارة مقام القطع عند المحقق الخراساني ، نتيجته انه إذا تحقق صغراه بان اخبر زرارة عن وجوب صلاة الجمعة مثلاً ، فالمكلف يحصل له الظن بمؤدى خبر زرارة ، وحينئذٍ