الظاهري بالطهارة وبين كونه منجزاً للنجاسة الواقعية ، إذ من المعقول جعل الأول بدون الثاني ، كما لا يخفى.
قلت : الأمر كذلك الا اننا نعلم من الخارج ان ما جعل رافعاً لمنجزية الاصول ومعذريتها يكون بنفسه منجزا للواقع ، ولا يحتمل ان يكون شيء مجعولا رافعاً لمنجزية غيره من الاصول ومعذريتها وغير منجز هو للواقع ، فهذا الوجه يفي بتكفل دليل واحد لبيان كلا التنزيلين.
الوجه الثالث : أن يقال : ان التقريب الذي ذكره المحقق الخراساني (قدسسره) لعدم تكفل دليل واحد لبيان كلا التنزيلين انما يتم لو قلنا بان قوله : الظن بمنزلة العلم ، تنزيل للظن منزلة القطع ، مع انه لا ينحصر جعل الحكم للظن بذلك.
وتوضيح ذلك : ان جعل حكم لشيء قد يكون ابتدائياً ، بان يقول : الخمر حرام ، فيجعل الحرمة للخمر ابتداء وبدون أي عملية ، وقد يكون بتنزيل شيء منزلة شيء آخر ذي حكم يفيد هذا التنزيل اسراء حكم المنزّل عليه الى المنزل ، كأن يقول : الفقاع خمر ، فان تنزيل الفقاع منزلة الخمر يفيد اسراء حكم الخمر وهو الحرمة الى الفقاع ، وفي هذه العملية لجعل الحكم لا بد ان يكون للمنزل عليه حكم مجعول في المرتبة السابقة على هذا التنزيل من قبل المنزِّل (بالكسر) ليصح افادة هذا التنزيل اسراء حكم المنزل عليه الى المنزل ، فلو لم يكن للمنزل عليه حكم مجعول من قبل المنزِّل (بالكسر) كان تنزيله لغواً ، وغير مفيد لجعل الحكم على المنزَّل (بالفتح).
وثالثة يكون بتشبيه شيء بشيء آخر ذي حكم ليفيد هذا التشبيه جعل حكم للمشبه مشابه ومماثل لحكم المشبه به ، كأن يقول زيد لعبده : ان رزقت ولداً فاعمل ما يعمله عبد عمرو عند ما يرزق ولدا ، فان هذا التشبيه يفيد جعل وجوب الصوم على عبد زيد المماثل لوجوب الصوم على عبد عمرو ، وفي هذه العملية لجعل الحكم لا يجب ان يكون حكم المشبه به مجعولاً للمشبِّه (بالكسر) ، كما في المثال ، فان المشبِّه هو زيد والمشبه به وهو وجوب الصوم على عبد عمرو مجعول لعمرو ، ولا