يكون التنزيلان عرضيين.
ولكن يرد على هذا الكلام ان كون احد التنزيلين في عرض الآخر غير معقول في المقام ، وذلك لان العرضية انما تتم فيما اذا كان الحكمان والتنزيلان كل منهما ظاهريا أو واقعياً ، لا فيما اذا كان احدهما ظاهريا والآخر واقعياً ، وكانا مختلفين.
توضيح ذلك : ان صاحب الكفاية ذكر في المقام قاعدة كلية وهي : ان موضوع الحكم اذا كان مركبا من جزءين ، وأردنا تنزيل شيئين منزلة هذين الجزءين لا بد ان يكون التنزيلان في عرض واحد ، وذكر في توضيح ذلك ان التنزيل انما يكون من ناحية اسراء حكم المنزل عليه الى المنزل ، ولهذه الجهة ينزّل شيء منزلة شيء آخر ، وإذا كان الحكم واحداً وموضوعه مركبا من جزءين ، وأردنا اسراء حكمه الى شيء وتنزيل شيء منزلة احد أجزائه وشيء آخر منزلة الآخر ، لا يمكن تنزيل احد الشيئين اذا لم ينزل الشيء الآخر من جهة انه اذا لم يتم كلا التنزيلين لا يسري الحكم الى المنزل فلا تتحقق نتيجة التنزيل (١).
ثم طبّق صاحب الكفاية هذه الكبرى الكلية على المقام ، وقال : ان حكم الحرمة تعلق بالخمر المقطوع الخمرية ، فيكون الموضوع مركبا من الخمر الواقعي والقطع به ، فاذا اردنا تنزيل مظنون الخمرية منزلة مقطوع الخمرية ، والظن منزلة القطع ، والمظنون منزلة المقطوع ، لا بد ان يكون التنزيلان عرضيين لما ذكرنا ، ولأجل هذه القاعدة الكلية اشكل على ما ذكره في الحاشية من تصور قيام الامارة مقام القطع الموضوعي بتنزيلين طوليين كما عرفت ، واحترازاً من لزوم الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي ، ونحن قد بينا أنه لا حاجة في مقام تنزيل الامارة منزلة القطع الموضوعي بقوله : الظن كالقطع ، الدال حسب الفرض على تنزيلها منزلة القطع الطريقي الى ما افاده في الحاشية من التنزيلين الطوليين ، بل يمكن ذلك بنحو آخر ، ومقصودنا الآن تنقيح الكلام فيما افاده في الكفاية من الكبرى ، فنقول : ان اريد تنزيل مجموع الجزءين منزلة مجموع الجزءين ، بحيث لا يكفي التلفيق في
__________________
(١) كفاية الأصول ، المقصد ٦ ص ٢٦٦.