حيث إنه بنى على امكان التنجيز بغير الحكم التكليفي ، لكنه فصّل في ذلك ، فقال بصحة جعل الطريقية دون جعل المنجزية ، وفي الحقيقة يكون كلامه مركبا من عقد سلبي ، وعقد ايجابي.
أما العقد السلبي فهو دعوى استحالة جعل المنجزية ، وبرهن على ذلك بانه يلزم من ذلك التخصيص في حكم العقل ، وهو قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بخلاف جعل الطريقية فان به ترتفع القاعدة بارتفاع موضوعها.
ويرد عليه : انه إن أريد من جعل المنجزية جعل واقع المنجزية التي هي امر عقلي بالتشريع ، فهذا واضح الاستحالة وليس مراد المحقق الخراساني (قده) المشكل عليه بهذا الاشكال ، وذلك كما ان المراد من جعل الطريقية ايضا ليس جعل واقع الطريقية.
وإن أريد من جعلها جعلها عنوانا واعتباراً فهو الامكان ، وحينئذٍ ان التزم بما ذكرناه من عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان عند العلم بأهمية الحكم المشكوك فهذا اللسان كاشف عن اهميته ، وإلا فان التزم بان موضوع القاعدة عدم البيان الحقيقي استحال ارتفاعها حتى بجعل الطريقية واعتبارها.
وان التزم بقيام بعض الألسنة مقام البيان الحقيقي ، أي ان حكم العقل بصحة العقاب يعمه فذلك اللسان لا يمكن تعيينه وابطال غيره بالبرهان كما توهمه (قده) ، وانما هو امر يرجع الى الوجدان ، فربما يدعي هذا ان الوجدان حاكم بكذا ، وذاك أن الوجدان حاكم بالشيء الآخر.
وأما العقد الايجابي فهو دعوى حصول التنجز بجعل الطريقية لانه اثبات للبيان ورفع لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وأورد على ذلك بوجهين :
الأول : ما هو المشهور في مقام الايراد عليه ، وهو ان تنزيل شيء منزلة العلم الطريقي محال ، لأن آثار العلم الطريقي غير قابلة للجعل. وجوابه ما أفاده المحقق النائيني (قده) في بعض كلماته في توضيح مرامه من أنه ليس المراد تنزيل الظن منزلة القطع ، ومعنى ذلك جعل احكام القطع للظن ، وانما المراد فرضه واعتباره قطعا