بالجعل (١).
وهذا الكلام كما ترى ، لا يرد عليه اشكال استحالة التنزيل ، نعم يتوجه عليه سؤال وهو انه ما فائدة هذا الجعل والاعتبار؟ فانه مع عدم ثبوت فائدة له يكون لغواً ، فان ترتب عليه فائدة كما لو أعطى أحد للمولى ديناراً ليجعل الظن علما لم يكن لغواً ، وإلا فهو لغو ، وهو (قده) يقول : إن فائدته أن يرتفع بذلك موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، اذ موضوعه ما يعم البيان الحقيقي والبيان الاعتباري ، فالشارع اوجد فرداً من افراد الموضوع (٢).
الثاني : ما ذكره المحقق الاصفهاني (قده) من منع كون موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ما يعم البيان الحقيقي والاعتباري ، سواء قلنا بأن استحقاق العقاب المترتب على البيان وعدمه المترتب على عدمه حكم عقلي ، ام قلنا بأنه حكم عقلائي (٣).
أما على الأول فلأن الأمر الواقعي لا يعقل تقومه بالاعتبار.
وأما على الثاني فلأن الحكم العقلائي لا يكون بنحو القضية الحقيقية كأحكام الشارع مجعولة على موضوع كلي يعم الافراد الخارجية والافراد التقديرية حتى يقال : ان هذا حكم جعل على مطلق البيان ، وندعي ان الشارع أوجد فرداً لهذا الموضوع ، وانما حكم العقلاء عبارة عن عملهم الخارجي في الموارد الجزئية كالعقاب في مورد ثبت البيان ، وعدم العقاب في مورد آخر لم يثبت البيان ، والعقلاء ليسوا مشرعين.
وفيه : إنا نختار الشق الأول ، وهو كون استحقاق العقاب وعدمه حكما عقلياً ، كما هو الصحيح ، وهو المشهور بين الاصوليين ، والمختار للمحقق النائيني (قده) ، فلا يلزم من ذلك كون قوام الأمر الواقعي بالامر الاعتباري بمعنى
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ١٢.
(٢) المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٧٥.
(٣) نهاية الدراية ، ج ٢ ، ص ١٩.