تَفْتَرُونَ) (١) وكيف كان فان هذين العنوانين ثبت حرمتهما في الفقه ، ويبحث عنهما في المكاسب المحرمة ، وانما ذكرنا ذلك من باب المقدمة.
اذا اتضح هذا فنقول : اذا اخبر الثقة عن الامام (ع) بشيء من اخبار الارض والسماء فلكلامه هذا دلالتان ؛ دلالة مطابقية ، ودلالة التزامية ، فبالدلالة المطابقية يدل على ان هذا المعنى صدر من الامام (ع) ، وبالدلالة الالتزامية يدل على ان الراوي لا يكذب على الامام ؛ لان لازم صدوره عن الامام (ع) ان لا يكون اخباره عنه كذبا.
اما من ناحية الدلالة التزامية فلا اشكال في شمول دليل الحجية له ، واثبات عدم كونه كاذبا بذلك ، لأنه من قبيل ما اذا كانت الحرمة مترتبة على الخمر ، واخبر الثقة بان هذا المائع ليس بخمر ، فلا تترتب الحرمة عليه ، فكذا في المقام ، حيث ان الحرمة مترتبة على الكذب ، واخبر بالدلالة الالتزامية لكلامه ان هذا ليس كذبا ، فلا تترتب عليه الحرمة ، فمن جهة حرمة الكذب لا اشكال في هذا الكلام.
وأما من جهة الدلالة المطابقية فلا يمكن شمول دليل الحجية له على جميع المباني ، إلا على مبنى الطريقية على فرض تمامية الاطلاق ، او الاثبات في باب الحكومة ان الدليل الحاكم بالنسبة الى عقد الوضع لا يلزم ان يكون ناظراً الى عقد الوضع من المحكوم.
والوجه في ذلك انه لا يكون في باب ادلة حجية الامارات دليل يفي بقيام الامارات مقام القطع الطريقي والموضوعي معاً ، وما يكون جائزاً هو القول عن علم ، والقول بغير علم حرام شرعا ، فأخذ في موضوع جواز القول وانتساب شيء الى النبي او الامام ، عليهماالسلام ، القطع والعلم ؛ فلا يمكن قيام الامارة مقام العلم بناء علي المباني المتقدمة ، فلا يمكن الاخبار عن مدلول الامارة المخبرة عن شيء من اخبار الارض والسماء.
__________________
(١) سورة يونس ، آية ٥٩.