ثم انه بناء على القول بقيام الامارة مقام القطع الموضوعي وحكومة ادلة حجية الامارات على دليل ما اخذ في موضوعه القطع تكون هذه الحكومة حكومة واقعية لا ظاهرية ، على ما اشرنا اليه سابقا ، وانما نكرره من جهة ان المحقق النائيني (قدسسره) والمحقق الاصفهاني (قده) ذهبا الى ان الحكومة حكومة ظاهرية.
والوجه في ان الحكومة حكومة واقعية لا ظاهرية ان الحكومة الظاهرية يكون المجعول في موردها حكما ظاهريا ، كما في حكومة أدلة حجية الامارات على أدلة الأحكام الواقعية بناء على الطريقية للقطع وأخذه طريقيا لا موضوعيا ، كما اذا كان الحكم وهو الحرمة مترتبا على واقع الخمر لا على مقطوع الخمرية ، وفرض ان الخبر الواحد قال بان هذا خمر ، فبمقتضى أدلة الحجية يحكم بأن شرب هذا المائع حرام ، ولكن الحكم بالحرمة حكم ظاهري ، ويكون قوام الحكم الظاهري بأمرين :
أحدهما : وجود الحكم الواقعي في مورده.
الثاني : الشك في ذلك الحكم الواقعي وعدم وصوله. والحكومة الواقعية يكون المجعول في موردها حكما واقعيا ، ويكون الدليل الحاكم موسعا للحكم الواقعي أو مضيقا له ، كما في قوله (ع) : (الطواف بالبيت صلاة) (١) فان حكومته بالنسبة الى قوله (ع) : (لا صلاة إلا بطهور) حكومة واقعية ، ويحكم بوجوب الطهارة في الطواف ، ويوسع دائرة موضوع الصلاة ، ويترتب على الحكومة الواقعية انه لا يكون في موردها انكشاف الخلاف اصلا ، بل توسع دائرة الواقع أو تضيق ، بخلاف الحكومة الظاهرية.
اذا اتضح هذا فنقول : ان الحكومة الظاهرية في المقام غير معقولة اصلاً ، وذلك لعدم الشك في الواقع ، بل نقطع بان الحكم مترتب على المقطوع بالوجدان ، كما اذا كان اكرام الشخص المقطوع بفسقه حراما ، فانا نعلم بأن حرمة الاكرام مترتبة على القطع بالفسق ، ودليل حجية الخبر يقول بان الظن قطع ، ويوسع دائرة
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، باب ٣٨ من أبواب الطواف ، ح ٢.