للمحققين ؛ وإن كان بياننا لعدم امكانه يختلف عن بيانهم ، فإنا ذكرنا ان النهي عن العمل بالقطع إما حقيقي وإما طريقي ، والأول لا يمكن ببرهان ، والثاني لا يمكن ببرهان آخر ، فهذه الصورة ايضا لا اشكال في عدم امكانها ولا كلام ، كما ان الصورة الأولى لم يكن هناك اشكال ولا كلام في امكانها وجوازها.
وأما الصورة الثالثة ، وهي ما اذا كان القطع بحكم مأخوذاً في موضوع حكم آخر يماثله ، كما اذا قال : اذا قطعت بوجوب الصلاة تجب عليك الصلاة ، فكلام السيد الاستاذ في المقام وفي بحث التجري مختلف ، فقد ذكر في المقام المقام امكانه ، وفي بحث التجري عدم امكانه.
فان هذه الصورة بعينها هي ما ذكر في باب التجري لكن بعنوان آخر ، ففي باب التجري ذكرت بعنوان جامع بين المتجري والعاصي ، وهو عنوان مقطوع الخمرية ، فيبحث عن أن عنوان مقطوع الخمرية هل يكون حراما شرعا ليكون موجبا لحرمة التجري والعصيان ، ام لا يكون كذلك؟ ومعناه ان الخمر الذي يكون حراماً هل يكون القطع بالحرمة موجبا لحرمته أم لا؟.
وذكرت في المقام بعنوان ان القطع المتعلق بحكم يمكن أخذه في موضوع حكم آخر أم لا؟ فالمعنون شيء واحد في المقام وفي باب التجري ، وان كان العنوان مختلفاً ، ومع ذلك ذكر السيد الاستاذ امكانه في المقام ، وفي باب التجري ذكر امتناعه.
وأما المحقق النائيني (قدسسره) فقد قال بامتناعه في المقام وفي باب التجري معاً ، وبرهانه على الامتناع في المقام عين برهانه عليه في باب التجري ، فكلامه متين ، بخلاف السيد الاستاذ ، فان كلامه هنا وهناك مختلف ، مع ان البرهان الذي ذكره في باب التجري يأتي في المقام ايضاً ؛ فان البرهان الذي ذكره هناك هو ان الحكم الأول لو كان موجبا لتحريك العبد بمحركيته فلا احتياج الى الحكم الثاني ، اذ المفروض ان العبد يتحرك عن تحريك الحكم الاول ، فالحكم الثاني لغو ، وإن كان العبد بنحو لا يتحرك عن الحكم الاول فتحريكه عن الحكم الثاني بلا